- نهلا ناصر الدين
هي ليست السنة الأولى التي يختلف فيها مسلمو لبنان في تحديد موعد بداية صومهم فيتوهون عن رؤية هلال شهر رمضان الذي ما زال ضائعاً في غياهب خلافاتهم منذ سنين، تبعاً للمرجعيات الدينية التي يتبعها كل لبناني من العراق وايران الى السعودية فلبنان.
تختلف الشعائر والمفاهيم واحدة، كاختلاف الجهات في تحديد البداية كما نهاية الصيام، وكل في افلاكه يدور، في شهر هو الافضل بين الشهور بلياليه واعماله. كثيرون لا يختلفون في تحديد مفهوم الصائم ذلك "الانسان الذي لا يؤذي الناس بلسانه ولا بعمله ونظراته حتى، من يتعامل بصدق وأمانة واخلاص، فالصوم هو صوم عن المساوئ قبل الطعام والشراب" يقول في حديث لـ"البلد" عضو الهيئة الشرعية في مؤسسة السيد محمد حسين فضل الله الشيخ أحمد كوراني.
سبب الخلاف
يتبع كوراني مرجعيته كما كثيرون من المسلمين في لبنان الذين اعلنوا صيامهم منذ يوم السبت الفائت وذلك حسب الشيخ "لأن علماء الفلك أعلنوا بأنه يمكن رؤية هلال شهر رمضان في جنوب أميركا اللاتينية بواسطة مراسل، فنشترك معها بنصف الليل ويثبت عندنا شهر رمضان يوم السبت".
وعن الاختلاف الذي يحصل في بداية كل رمضان يتابع ان "الاختلاف الذي يحصل بين المراجع على تحديد بداية شهر رمضان المبارك يرجع إلى أن بعض المراجع لا تكتفي بالرؤية غير البصرية للهلال، والبعض الآخر يكتفي بالرؤية حتى لو كانت بواسطة مراسل أي عبر وسائل علم الفلك".
التبذير في رمضان
ويتابع كوراني "الله أراد من المسلم الصائم أن يشعر بحاجة الفقراء وجوعهم، وهذه هي العبرة من الصوم، ويُراد من الصوم أن يكون فترة تطهير للجسد "صوموا تصحّوا". والآية القرآنية الكريمة تقول "كلوا واشربوا ولا تسرفوا"، والإسراف هو أن يأكل الانسان أكثر من حاجته، وهنا يتحول الصوم إلى عامل صحي سلبي، بينما الاعتدال في الأكل والشراب يكون عاملاً إيجابياً على الجسد. أما الذين يبذرون بأنواع الأطعمة ويأكلون القليل ويتلفون الباقي، فهؤلاء يُسمون مبذرين، والله سبحانه وتعالى يقول "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين". "
150 سنة
ويوافق قدوم شهر رمضان لهذه السنة مع مُرتفعٍ جويّ حارّ، وتقول بعض الدراسات بأنه الرمضان الأصعب منذ ما يقارب الـ 150 سنة، حيث يتطلّب من الصائم الامتناع عن الطعام والشراب ما يقارب الـ 17 ساعة، الأمر الذي جعل قسماً كبيراً من اللبنانيين يمتنع عن صيام شهر رمضان هذا العام. فكيف سيتحمّل اللبنانيون هذه الساعات الطويلة من الصوم في ظلّ موجة الحرّ التي تضرب لبنان والتقنين القاسي التي بدأت به مؤسسة كهرباء لبنان مؤخراً في مناطق لبنان كافة؟.
أضرار الصيام
تتكلم اختصاصية التغذية "هبة حامد حويلي لـ"صدى البلد" عن الأضرار التي يمكن أن تؤثر على صحة الصائم من جرّاء الامتناع عن الطعام والشراب لفترة زمنية طويلة، وتقدم بعض النصائح التي تقلل من الشعور بالعطش. "فالصيام لفترة طويلة يخفض الكلوكوز بالدم، فيتعرّض الصائم للدوخة والتعب، لأن الكلوكوز يتوقف من الدخول إلى الرأس بشكل سليم، وبالتالي يتوقف المخ عن العمل جيداً ويفقد بذلك الصائم التركيز والقدرة البدنية المتكاملة".
نصائح لتفادي العطش
وتنصح الدكتورة هبة الصائمين "بتعويض المياه التي يفقدها الجسم، من خلال شرب 2 ليتر من المياه، كل ساعتين كوبين من المياه، في الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور حتى لا نُتعِب المعدة، وقبل الإفطار نقوم بشرب كوب واحد من المياه وننتظر قليلاً قبل البدء بالأكل".
وللتقليل من الشعور بالعطش "الابتعاد عن المأكولات التي تحتوي على الملح كالأجبان، وأكل الموز والتمر على السحور لأن له فائدة كبيرة للتقليل من العطش وذلك لاحتوائهما على المغنيزيوم والبوتاسيوم".
شرّ البليّة ما يضحك
أما بالنسبة لزيادة ساعات التقنين من قبل وزارة الطاقة والذي يترافق مع بداية شهر رمضان فأعلن اللبنانيون عن تذمّرهم من هذا الموضوع، بعضهم بالشتم، وبعضهم الآخر بالسخرية والنكات التي غالباً ما يلجأ اللبنانيون إليها للهروب من واقعهم المرّ "فشرّ البليّة ما يُضحك" حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي البيان التالي :
"ﺗﻌﻠﻦ مؤسسة كهرباء لبنان ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻦ إلى 16 ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ حلول ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻋﻤﻼً ﺑﺎلأﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
ﺃﻭﻻً : الأﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﺗﻤﺔ ﻭأﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﺸﻤوع ليلاً ﺗﺰﻳﺪ من ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ...ﻣﺎ ﺑﻴﺒﻘﺎﻟﻚ ﺷﻲ إﻻ ﺗﺴﺒّﺢ ﺭﺑﻚ.
ﺛﺎﻧﻴﺎً : ﺃﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﻭﻳﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻋﻦﺍﻟﺠﻮﺍﻣﻊ، ﻣﻨﻌﺎً ﻟﻠﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﺑﺔ ﺑﻌﺪﻫﺎ في ظل الظروف الأمنية الخطيرة، خوفاً على سلامتكم.
ثالثاً : ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺑﺴﺒﺐ إﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺪ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﻄﺶ، ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺇﺣﺴﺎﺳﻚ ﺑﺎﻟفقراء، ﻭﻴﺰﺩﺍﺩ ﺇﻳﻤﺎﻧﻚ وثوابك عند الله تعالى.
ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﺗﻌﻤﻞ ﻷﺟﻠﻜﻢ ... ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺑﻼ ﻛﻬﺮﺑﺎ ﻏﻴﺮ !!!"
فما على اللبناني إلا الصبر والانتظار، عسى أن تتذكّر دولته الكريمة أن رمضان هو شهر الرحمة والخير وترحم مواطنيها كي لا يموتوا عطشاً، فتتكرّم عليهم بتقليل ساعات التقنين.
المصدر: جريدة البلد