ان كل ما تظهره افلام الفيديو المسربة من اعمال ما يسمى " دولة الإسلام في العراق والشام - داعش " والقرارات التي تفرضها على الناس في مناطق نفوذها ان في الرقة وشمال سوريا او داخل العراق في البقعة الشاسعة التي تحاول فرض سيطرتها عليها في الموصل ونينوى وغيرها لا تنبئ الا عن وحشية وهمجية هذا التنظيم ، وتؤكد كل يوم بانها من المستحيل ان تشكل هي البديل المقبول حتى عن الأنظمة الاستبدادية التي يعمل الشعب السوري والعشائر العراقية للتخلص منها .
وعليه فان من بديهيات القول ان هذه الوحوش الملتحية وهذه المخلوقات المريضة والتي لا يمكن ان تحي وتستمر وان تجد لها ما يسمى بالبيئة الحاضنة الا من خلال ركيزتين اثنتين، يقينا ليس الايمان بمشروعهم السياسي او الديني هو احدهما.
وانما فقط عبر غلبة القوة والاكراه من جهة ، وعبر التسعير المذهبي والتصدي للمشروع الإيراني الشيعي من جهة أخرى.
ومن هنا فاننا نعتقد جازمين بان مشروع التمدد الإيراني المصدّر للمنطقة وبالخصوص بعد انتهاء دور المقاومة واقفال ملف الصراع مع العدو الإسرائيلي عبر القرار الدولي 1701 مما يعني عمليا فقدان هذا التمدد للرافعة الأساسية التي طالما شكلت مقبولية عند الشارع العربي والإسلامي ليتحول بعد القرار الدولي الى مجرد مشروع توسعي احتلالي ذو صبغة مذهبية هذه المرة فلا يمكن هو الاخر ان يجد له أي مسوغ خاصة انه عجز عن تقديم نموذج مختلف عن السائد الاستبدادي المقيت او تجربة مشجعة ، لا في لبنان عبر حزب الله وسلاحه المتحول الى الداخل لفرض شروطه السياسية على الاخرين ولا في العراق وتجربة نور المالكي الفاشلة بكل المعايير ولا طبعا من خلال الوقوف الى جانب نظام الاستبداد والقتل في سوريا.
ولذلك فقد تحول المشروع الإيراني في المنطة الى ما يشبه الرئة الضرورية التي من خلالها فقط يستمد تنظيم داعش الاوكسيجين للحفاظ على بقائه، ولا يمكن ان نتقدم في عملية القضاء على هذا التنظيم الا من خلال خطوات تراجعية ضرورية تقوم بها ايران بدءا بالعراق وسحب ورقة المالكي من المشهد السياسي مرورا بلبنان عبر الإسراع باحياء للعملية السياسية وانتخاب رئيس وتحريك عجلة المؤسسات المتوقفة وصولا الى المساهمة الحقيقية باجاد تسوية سياسية كبرى في سوريا مدماكها الأساسي هو التخلي عن بشار الاسد وهذه الخطوات الكبرى التي تعتبر بمثابة تضييق الخناق وتسكير مجرى الهواء عن إرهاب داعش واخواتها لا تعتبر بالضرورة هزيمة للمشروع الإيراني وان بدت للوهلة الأولى كخطوات تراجعية لكنها تخدم حتما المصالح الإيرانية الحقيقية وهذا ما يجب ان يتعلمه الإيرانيون واصدقاؤهم في المنطقة, فالانسحاب الإسرائيلي مثلا من جنوب لبنان وان بدا كانه هزيمة نكراء لإسرائيل الا انها استطاعت ان تستحصل بعده على امن لحدودها الشمالية لم تحصل عليه منذ نشأة هذا الكيان الغاصب ، كما ان انسحاب اميركا أيضا من العراق وأفغانستان جعلها اللاعب الأقوى في المنطقة وان بدا انه تراجع وهزيمة للمشروع الامركي فخطوات تراجعية إيرانية ستكون كفيلة بان ينقضّ اهل السنة انفسهم على كل تلك المظاهر الإرهابية والقضاء علبها بوقت قياسي بعد ان تكون قد فقدت مصدر أساسي من مصادر حياتها.
هكذا فقط يمكن القضاء على قرن الفتنة، والا فالى المزيد من الدم والدمار ،، والكرة الان بالملعب الإيراني.