بين الامن والفراغ يغرق لبنان , وثمة مَن يحاول الترقيع على الطريقة اللبنانية المعهودة , التي عادة تُرقع من جهة وتمزّق من جهة أخرى , وهكذا لعبة القط والفأر تسود الساحة اللبنانية , فلا القط قادر على مسك الفأر , ولا الفأر قادر على إلتقاط أنفاسه , وبين القط والفأر ينقض الغراب على فريسته .
هذا هو حال لبنان , يحكمه سياسيون كالقطط دأبهم الغدر وكالفئران دأبهم الخراب , نُواؤهم أكثر من فعلهم , وأصواتهم إن حكوا كقرض الفأر للورق , يقنصون الفرص بناء لمصالحهم الخاصة , إن أحسوا بالخطر على انفسهم لبدوا كما يلبد الخلد , ويلتمسون الاعذار لتقصيرهم كلما نعق الغراب بخراب .
يتعاملون مع المواطن كأنه قرص الجبنة , يتناتشونه كلما أحتاجوا له , ويتركونه هملا للغراب العابث بأمنهم وراحتهم إذا هم كانوا في راحة وإطنئنان على مصالحهم السلطوية , ويشنفون آذان المواطنين نُواءً وصريرا ونعقا , كوقاحة القط , وذكاء كذكاء الفئران .
ضاع لبنان وضاع معه أهله , بين فريق من السياسيين "القطط ", وبين فريق آخر "الفئران" , وعبث الارهاب كالغراب .
فلعبة القط والفأر سوف تبقى اللعبة الوحيدة على الساحة اللبنانية , وهي التي تختصر حال السياسيين ووضعهم , ولن تنفع كل عمليات الترقيع التي يقوم بها المسؤولون اللبنانيون , او التي يطرحها البعض من زيادة القوى الامنية , لان الامن في لبنان هو بالدرجة الاولى سياسي , فلا أمن في لبنان مجرد عن القرار السياسي , والقرار السياسي اللبناني متناقض حول ضبط الامن , وما يشاع من تفاهم سياسي لبناني داخلي هو كذب صريح على الشعب اللبناني , وتصريحات السياسيين اللبنانيين ليست صرحة أبدا , ولا تلامس الواقع , لأن التفاهم السياسي في لبنان متعلق بالتفاهم السعودي الايراني وهذا غير حاصل الى الان , فإلى أن يتم التفاهم السعودي الايراني على الوضع السوري والعراقي , سيبقى الوضع اللبناني على ما هو , من الخطر الامني والفراغ الرئاسي , وبالتالي التجاذب السياسي والتكاذب السياسي سوف يبقى المظلة للعمل الارهابي الذي لن يوفر أحدا .
في سياق متصل قد قال أحد المطلعين على الوضع اللبناني , أن في لبنان يتناغم الارهاب التفجيري مع الارهاب السياسي , ولا فرق بينهما , لان كليهما يضع لبنان في دائرة الخطر الكبير , وبالتالي الارهاب السياسي هو حاضنة أساسية للإرهاب التفجيري , وأكد أنه لولا الارهاب السياسي لما وجد الارهاب التفجيري المجرم .