مرّة جديدة تُثبت الأجهزة الأمنية قدراتها على مواجهة الارهاب سواء الوافد منه من سورية والعراق أو المقيم في لبنان والذي يتضخم بفعل الانقسام السياسي التخريبي في لبنان . نجا اللبنانيّون أمسى من فادحة الخسائر لو تمكنّ المخططون من الوصول الى أهدافهم في النيّل من رموز سياسية وأمنيّة وأكّدت السلطة حضورها في الواقع الأمني وكانت سيطرتها اشارة واضحة على امكانية الاستمرار في شراكة تتجاوز مسبباتها الى علاقة تأسيسية لسلطة ترعى مشاكل الناس لا مشاكل الطبقة السياسية الدائمة بين جهتيّ 14و8آذار .
من الطبيعي جداً توظيف ما حصل في خانات كثيرة ومتعددة وتبدو مشكلة الرئاسة زاوية أساسية من زوايا الأمن المفتوح على ارهابيّ الداخل والخارج لذا لا بُدّ من التعالي عن خصوصيّات الأفرقاء ومصالحهم المباشرة في الاختيار المناسب لهم في وضع رئيس للجمهورية منكمش داخل جماعة آذار ومتصل بأسباب خارجية مرشحة له لتولي منصب يؤدّي خدمات مجانية للدول المسيطرة على لبنان المنقسم على نفسه بين ممانع ومنبطح . لا أعرف كيف يكون الرئيس رئيساً اذا ما جاء بواسطة التفاهمات لا الانتخابات وبناءً على ارشادات خارجية وطبقاً لمواصفات جاهزة ومحددة من قبل الأطراف المعنيّة مباشرة وبقوّة الطائفية في اختيار ما يناسبها من رئيس يدين لها في سيره وسيرته السياسية ويلبي احتياجاتها طيلة فترة حكمه الصوري في قصر رئاسي مملوك لشركة مساهمة في رأسمال سلطوي مسيطر على مؤسسات الدولة .
لا أدري كيف يرضى المندفعون الى الرئاسة برئاسة معلبة؟ ووفق مواصفات محددة واشتراطات مسبوقة ومن ثمّ يدّعي فحولة مشكوك بها لاستعداده التام للقبول بوظيفة الرئاسة بوصفه رئيساً مأموراً لا رئيساً آمراً .من هنا تبرز اشكالية الاسمين المطروحين من قبل 8و14آذار باعتبارهما أداة رئاسة متحركة بواسطة السيطرة الكاملة على جهازها من قبل طرفيّ آذار ومن هنا تأتي استحالة التوصل الى رئيس مسيس بطريقة توظيفية تجعل من الحضور المسيحي حضوراً مطلوباً في دائرة الديكور السياسي وباعتباره ضيف شرف يملك مساحة القصر ولا يحكمها . لذا أرسى الأمن في لبنان ضرورته في الاختيار المناسب لشخصية وطنية تتمتع بحسابات المؤسسة العسكرية المتجاوزة لحدود الشخصنة والشيطنة السياسية وقادرة على المساهمة في اشباع الشعور المسيحي بحضور قوي يمثله رئيس لا يتقاضى راتبه من الجهة التي يصطف في داخل تشكيلاتها وقادر على أن يكون ابرة الميزان في لبنان للتحكّم بموازين كفتيّ الطائفتين المستعدتين الى الذهاب بعيداً في خصوماتهما السياسية اتباعاً لأحداث عاصفة في رقاع عربية واسلامية متعددة .
فعلاً تبدو المرحلة مرحلة رئيس مسكون بأمن البلاد والعباد وقدّ يكون العماد قائد الجيش أبرز الأسماء القادرة على الوصول الى قصر الرئاسة لدواع لبنانية محضة وبناءً على ثقة اقليمية ودولية بمؤسسة ناجحة وتستند الى شرعية غير متوفرة في أحد من النخب السلطوية .