صدر عن المركز العربي للحوار كتاب جديد بعنوان : "المسلمون بين التقريب والوحدة و الحوار " للعلامة السيد هاني فحص .
قدم الكتاب رئيس المركز العربي للحوار فضيلة الشيخ عباس الجوهري الذي تحدث عن العلامة السيد هاني فحص وما يحمله هذا الإسم من مساهمات كبيرة في إغناء المكتبة الاسلامية بالثقافات والمفاهيم الاسلامية الجديدة والمعاصرة .
وقال الشيخ الجوهري في تقديمه : مثله صائغ الذهب والمجوهرات يصنع نصّه مستخرجاً مادته الأولى من منجم العلم والمعرفة فيخرج مشبعاً بالأدب والفلسفة والتاريخ والحكايات الشعبية والدين والسياسة والإجتماع .
هاني فحص تُرابيٌّ فلاح مع كل ما تلبّس به من علوم ومعرفة وتجارب تَلبُس المبدأ بالحال لا ينفكّ ولا يريد الإنفكاك عن القرية والحقل والزرع وشتلة التبغ والزيتون وكأنها الشلش البري الذي التصق به كأنه قطعة من لحاء زيتونته فأنتجت أنواع كثيرة من المطاعيم المعرفية والتجارب الكثيرة عرف بها وعرفت به لكنه دائم الحنين إلى الجذور, دائم التجوال على منابر المعرفة في الكليات والكنائس وهو ضيف دائم على كل منتديات المعرفة والعلم .
إنه مركز بحث في رجل وموسوعة معرفيّة في شخص ضاقت عليه أروقة المؤسسات الدينية الرسمية ولكن نصوصه اخترقت وتخترق وستخترق كل الجدران المذهبية والمؤسسات الدينية التي أقفلت أبوابها وفتحت شبابيكها لتسهيل دخول قليلي البضاعة .
في نصه ثقلٌ نوعيٌ لمعرفة لا تقيم في السطحية بل تنفذ إلى العمق البعيد , وفي أسلوبه أدبٌ لبنانيٌ عامليٌ عربي يضعه في رعيل أدباء مصر والشام والعراق .
هاني فحص , عرفه الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين فاتخذه سندا وعضدا فعمل في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى فأفاد منه في كل منتديات وأروقة الحوار في الأزهر الشريف وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي ,ومن قبله الإمام السيد موسى الصدر الذي وإن لم يكن من فريق عمله لكنه كان في فضاءات استشاراته والجدل الجميل معه, وفي السنوات الاخيرة قبل سرقة الإمام منا قصرت المسافة كثيرا وحظيَ بمصارحات عميقه بينه وبينه .
في الحوار كان سماحة العلامة السيد هاني فحص ولايزال رائدا وقائدا ومحرضا , آمن بالحوار وكان بالنسبة إليه رسالة وهدف , لقد حرّض هاني فحص وعمل وكتب في الحوار الاسلامي الاسلامي ,وفي الحوار الاسلامي المسيحي والحوار العربي والأوروبي وبذل جهودا كبيرة في ترسيخ دعائم هذا الحوار على مستوى لبنان والعالمين العربي والاسلامي وكانت الإنجازات كبيرة وكثيرة .
وفي التقريب فقد آمن سماحته بالحوار سبيلا للتقريب بين أبناء المذاهب وبين أبناء المذهب الواحد وبين المذاهب الاسلامية والمسيحية فكانت النتئائج والإنجازات كبيرة ستبقى مدوية في تاريخ هذا الرجل الكبير متأصلة في وعي الامة والمجتمع .
أما الوحدة فليست من أهدافه بشكلها الممجوج بل دعى سماحته الى الوحدة في الهدف والمصير ودعى إلى الإتحاد في المصالح المشتركة التي تؤدي إلى سموّ الحياة ورقي المجتمع .
وأما الفتنة فقد قال سماحته " كلما زادت الفتنة كان الحوار أوجب " ولذلك كانت فكرة الحوار عنده صمام أمان من الولوج في الفتنة أو الوقوع فيها , فضلا عن كونه بوصلة للخروج منها .
ومن هنا نحن في المركز العربي للحوار فُزنا بالعثور على بعض من لآليء السيد هاني فحص على أمل أن نتفرغ لجمع كل آثاره وكنوز معرفته ونشرها لتكون نصوصاً يعتمد عليها الجيل الجديد .
المسلمون بين التقريب والوحدة والفتنة إصدار يلقي الضوء على قضايا المسلمين عامة وأسباب ضعفهم و تفرقهم خاصة ويحاول فيه العلامة السيد هاني فحص التركيز على أهمية التواصل والحوار كعمل أساسي في سبيل التوحد والتقريب ونبذ الفتنة .
وجاء في مقدمة الكتاب لسماحة السيد فحص :
الحوار هو الحل ، وحتى الآن قطعنا مجتمعين ومتفرقين اشواطاً مباركة في الحوار الاسلامي – المسيحي وأصبحت هناك مؤسسات حوارية ، وإن كان دورنا فيها غير مكافئ للدور المسيحي . لأن جدّيتنا في الحوار أقل بسبب طمأنينتنا الى أكثريتنا !.
وفي طليعة هذه المؤسسات "الفريق العربي للحوار الاسلامي – المسيحي" وهذا خير ويبشر بخير .. أما على المستوى الاسلامي بين المذاهب وداخل المذهب الواحد في قطرين مختلفين، فإن حركة الحوار لا تتجاوز لقاءات موسمية ، تتخللها المجاملات من دون أن تخلو من مصارحات ومكاشفات وفرز للخلافات عن المشتركات ، وبحث علمي عن المباني العقدية والفقهية في مسمياتها وراء الأسماء ، ما يكشف مقداراً عالياً من إمكانية التوحيد المنهجي والمعرفي .
غير ان هذه اللقاءات لم تراكم علماً ومعرفة واعترافاً متبادلاً وتعارفاً وتثاقفاً عميقاً ، بل هي محطات عابرة بين حدث سياسي وحدث آخر ، بين خطر واحتمال خطر آخر.
حتى يراكم الحوار ويشكل ذاكرة ومنهجاً معرفياً مشتركاً لا بد له من التحويل من منطق العفوية أو المزاج أو الارتباط بالراهن واليومي ، الى منطق المؤسسة ، فمن الذي يؤسس ؟ إن الحوار في المجتمع الأهلي هو شأن الشريحة المؤهلة ، هو شأن العلماء والمثقفين المسلمين ، الذين يبحثون عن الحقيقة ويتحركون بحركتها من دون أوهام امتلاك الحقائق المطلقة ، أي الذين يسعون الى التكامل ومعرفة الآخر ومعرفة الذات في الآخر ، وإتاحة الفرصة له لمعرفة ذاته في الآخر كذلك ، إذن ليس الحوار هو شأن الدول ، وإلا أصبح من أدواتها ، وليس بالضرورة أن يقوم في وجه هذه الدول ، على ألا يتخلى عن دوره النقدي لها .