ليس الاستنفار اللبناني الرسمي غير المعلن لمواجهة تداعيات مرتقبة لتمدد "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) المفاجئ في العراق، إلا نتيجة تخوّفٍ حقيقي مقرون بمعلومات عن مساع لتمدد التنظيم الى لبنان، حتى ولو لم يكن ذلك في المدى المنظور.
ولعل طرح وزير الداخلية نهاد المشنوق تشكيل "خلية أزمة" لمواجهة تحديات المرحلة، يندرج باطار الجهود الاستباقية التي قادها الجيش اللبناني مؤخرًا منفذًا عمليات دهم واسعة في منطقة عرسال ومحيطها حيث يتمركز العدد الأكبر من المقاتلين السوريين والأجانب الذين فرّوا بعد سيطرة النظام السوري و"حزب الله" على المناطق السورية الحدودية مع لبنان. ويقدر خبراء عسكريون عدد هؤلاء بـ900 يتوزعون بين تنظيمات "الجيش الحر"، "جبهة النصرة" و"داعش".
وكانت "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أسدلت الستار حول تأكيد تواجدها في لبنان حين تبنت أكثر من عملية انتحارية استهدفت مناطق نفوذ "حزب الله" كما عمليات القصف التي طالت المناطق عينها.
وينقل ناشط سوري بارز عن أمير في "داعش" يتولى السلطة في احدى المناطق داخل سوريا، أن "مشروع التنظيم يلحظ التمدد الى لبنان باعتبار أنّ اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام يُقصد فيه الدول الخمسة، العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وليس المقصود فقط بالشام دمشق... وبالتالي مشروعنا بلا شك سيمتد إلى لبنان".
ويشير الأمير "الداعشي" الى أن "الضربات التي نفذها ويسعى التنظيم لتوجيهها لحزب الله لا تأتي في مرحلة اقتحام لبنان، بل تندرج بمسعى اختراق الصفوف الأمنية في لبنان لتحقيق ضربات داخلها، وبعد ذلك نتمدد شيئاً فشيئاً..." ويقول: "أما موضوع الاقتحام المباشر لا أراه قريباً، فالحرب مع أعداء كثر في العراق وسوريا مشتعلة".
ولا تنفي "داعش" وجود مجموعات لها وخلايا نائمة في لبنان، وفي هذا الاطار يقول الأمير "الداعشي": "نعم هناك مجموعات تابعة لنا في لبنان، وهناك أكثر من تسجيل صوتي لمجموعة لبنانيين في الداخل اللبناني يُبايعون الشيخ البغدادي أمير الدولة الإسلامية".
ويشير الناشط السوري الى وجود عناصر لبنانية تقاتل في صفوف "داعش" التقى بعضهم في مدينة حلب قبل انسحاب "داعش" منها، لافتا الى تعذر تحديد أعداد هؤلاء.
ويُعتبر التونسيون والليبيون الذراع العسكرية الضاربة للتنظيم الارهابي ويتصدرون الصفوف الأولى في القتال، فيما يُعد القوقازيون خزّان الانتحاريين لدى "داعش".
ويتعاطى "حزب الله" بجدية مع احتمال تمدد "داعش" في لبنان، وهو يعي تماما أن مشروع التنظيم هو احتلال العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين. ولعل ما نُقل عن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مؤخرا عن أنّه لولا تدخل حزب الله في سوريا لكانت "داعش" في بيروت، دليل على تعقب الحزب لتحركات عناصر التنظيم المتطرفة، ولخططه واستراتيجيات عمله.
ولا تستبعد مصادر مقربة من الحزب أن تكون عناصر "داعش" المنتشرة على الحدود مع سوريا وفي عدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان، تُجهّز نفسها لعملية التمدد على الأراضي اللبنانية في حال وصل اليها قرار بذلك، لكن المصادر تجزم بأن "ما حصل في العراق غير قابل أبدا ليطبق في لبنان، فحزب الله أعد العدة لمواجهة أكثر من سيناريو في هذا الاطار، علما أنّه يعي تماما ان هذا التنظيم يُدرك قوة الحزب وجهوزيته في سوريا فكيف على أرضه في لبنان، ما يُضعف احتمالات شن أي عملية داخل الأراضي اللبنانية في المدى المنظور".