هناك قدر من الجديّة والإلتزام الدولي تجاه لبنان، وتحديداً المؤسسة العسكريّة، إذ ليس عادياً أن تستضيف روما مؤتمراً وزاريّاً دوليّاً لدعم الجيش يحضره وزراء خارجيّة ودفاع 40 دولة، ومنظّمة. إنّه يُشكّل فرصة لتكريس الخطوات التي نُفّذت حتّى اليوم، ولتكثيف الأفكار حول ماهية الإحتياجات الإضافيّة للجيش في ظلّ الخطة الخمسيّة.
وضعت الخطة نخبة من الضباط، وتمّ إطلاقها في اليرزة في أيار 2013 في حضور قائد الجيش العماد جان قهوجي، والملحقين العسكريّين للدول المعنيّة. تبلغ تكاليفها 4،7 مليار دولار أميركي، ويشكّل المؤتمر الدعامة، ويوفّر الآليات التنفيذيّة كونه منبثقاً عن فاعليات المجموعة الدولية الخاصة بلبنان، ويسير تصاعديّاً منذ الإجتماع الأول للمجموعة في نيويورك في أيلول 2013.لم تكن التوقعات بالتضامن الدولي مع لبنان متفائلة قبل عام، ولكنّ هذا الإنطباع سرعان ما تبَدّد لأنّ دولاً عدة منها الولايات المتحدة، بريطانيا، السعوديّة وفرنسا قد دعَمت الجيش عمليّاً وبطريقة فعّالة، سواء في موضوع ضبط الحدود الشمالية والشرقيّة بتمويل بريطاني، أو بالتجهيزات التي تُقدّمها فرنسا عبر الهبة السعوديّة، أو في الدعم الأميركي الذي كان قويّاً، وازداد في الآونة الأخيرة.
وكانت اليرزة قد وضعت بالتعاون مع الأمم المتحدة ومع المجموعة الدوليّة لدعم لبنان، برنامجاً تنسيقيّاً يتضمَّن آليّات ستكون موجودة دوماً لمتابعة تنفيذ قرارات مؤتمر روما، وسبق أن عقدت سلسلة إجتماعات تحضيريّة للمؤتمر، سواء في بيروت حيث اجتمع السفراء الممثلون لمجموعة الدعم الدوليّة، ومعهم مندوبون عن الجيش وعن وزارة الخارجية والمغتربين، أو في الإجتماع التحضيري الذي انعقد في روما في نيسان الماضي.
وبعد مرور عام ونيّف على إطلاق الخطة، يمكن التأكيد أنّ جزءاً منها قد نُفّذ فعلاً، وقطع شوطاً كبيراً في وضع آليات تنسيق المساعدات، لكن لا بدّ من المتابعة والمثابرة، بدليل أنّ مراقبة الحدود الشمالية الشرقية قد بدأت بدعم بريطاني لكن لم تُستكمل بعد، وكذلك الأمر بالنسبة الى تعزيز القدرات لتمكين الجيش من مواجهة التحديات الداخليّة والخارجيّة.
لم تكن غاية مؤتمر روما جمع الأموال والتبرعات، بل البحث في مزيد من الدعم، والتفاهم على سبل إدارة المساعدات وفق رؤية تتوافق مع إحتياجات المؤسسة العسكريّة، ومع أولويّاتها، بحيث لا تقدّم الدول المساعدات والتجهيزات ذاتها، في حين تبقى فجوات في بعض الإحتياجات التخصصيّة.
ويأتي دور الأمم المتحدة واضحاً، كون الخطة تشمل مندرجات القرار 1701 والتي تقضي بنقل بعض صلاحيات «اليونيفيل» الى الجيش عبر تمكينه تدريجاً من القيام بالمهمات التي تقوم بها القوات الدوليّة، وحتّى اليوم لم تأتِ مساعدات تصبّ في خدمة هذا الهدف، ولم يُنجز مركز التدريب الذي كانت الحكومة الإيطاليّة قد وعَدت بإنشائه في الجنوب لخدمة هذا التوجه.
عربيّاً، يمكن القول إنّ مجلس جامعة الدول العربيّة قد شددّ على «ضرورة تضافر الجهود العربيّة والدوليّة المبذولة من أجل إنجاح المؤتمر الوزاري الدولي في روما لتمكين الجيش اللبناني وتعزيز قدراته»، منوّها بـ»الدور الوطني الذي يقوم به الجيش والقوى الأمنية اللبنانية في الدفاع عن لبنان لصون الأمن والإستقرار والسلم الأهلي».
وأكد في ختام جلسته غير العاديّة التي عقدها الأحد في مقر الجامعة في القاهرة برئاسة المغرب، «تنفيذ قراراته السابقة في شأن التضامن مع لبنان ودعم جيشه، وآخرها قرار قمة الكويت الذي نصّ على الإسهام في تأمين إحتياجات الجيش اللبناني تقنيّاً وماليّاً، حسب المبادرات الدولية القائمة، وفي إطار سياسة الدعم العربيّة الأخوية، لجهة تزويده بالأسلحة والعتاد والمعدات التقنية واللوجستيّة اللازمة له وفقاً للتشريعات الوطنيّة لكل دولة».
إنّ هذه التظاهرة العربيّة - الدوليّة هدفها أن يكون الإستقرار في لبنان خطّاً أحمر، في ظلّ الإعصار «الداعشيّ» الذي يضرب المنطقة، فهل من مواكبة وطنية داخليّة لحماية هذا الخط؟