ادلى الشعب الافغاني بصوته في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لأحد المرشحين بنسبة عالية من مجموع الناخبين والذي وصلت نسبتهم الى حوالي 7 مليون من اصل 13 مليون بالرغم من اليوم الدموي الذي سيطر على المشهد الانتخابي ، لقد بات واضحاً بعد فرز الاصوات في الجولة الاولى من الانتخابات الافغانية ان الاسمين سوف يستعدان لمعركة ثانية في مايو\ ايار المقبل ، حيث ستحدد المعركة من سيكون الرئيس الافغاني القادم .
في الجولة الاولى احتل المرشح عبدالله عبدالله المركز الاول ،وجاء المرشح المرشح أشرف غني أحمد زاي في المرتبة الثانية .
وعبدالله عبدالله ( 54عاماً) هو طبيب عيون ،وله باع طويل في العمل الدبلوماسي حيث كان وزيراً للخارجية سابقا، ومستشارا لاحمد شاه مسعود قائد حلف الشمال، من اصول باشتونية وام طاجيكية، ويعرف بالطاجيكي ، وزوجته طاجيكية، وله علاقات قوية مع ايران وأميركا ويعتبر من زعماء المعارضة الافغانية .
اما اشرف غاني (64عاماً) فهو وزير المال في الحكومة الحالية ورجل الاقتصاد والمال، يملك خبرات واسعة في الادارة والاقتصاد وعمل في صندوق النقد الدولي ،وخريج الجامعة الاميركية في بيروت، باشتوني، امه شيعية وزوجته عربية لبنانية، له علاقة جيدة مع العرب واميركا والغرب، ويملك جواز سفر اميركي بسبب اقامته الطويلة في الولايات المتحدة الاميركية.
الشعب الافغاني كان متعطشاً لممارسة العملية الانتخابية عبر ذلك عبر الاقبال الكبير على صناديق الاقتراع، و قدرت المشاركة بثمانية ملايين شخصاً من اصل اثتني عشرة مليون مقترع في البلاد ،على الرغم من التهديد التي مارسته حركة طالبان في محاولة لتخريب العملية الانتخابية ونسفها مستخدمة لغة القتل والتفجير وتعطيل الوصول الى مراكز الاقتراع ، لكن الشعب الافغاني كان مصراً على اجراء الانتخابات الديموقراطية في البلاد والتي تعتبر الاولى من نوعها، حيث يتم تداول السلطة بواسطة صناديق الاقتراع وليس عبر عملية التنصيب كما كان يحصل سابقاً، وبالرغم من الحضور الكبير من قبل الشعب الافغاني الى صناديق الانتخابات والمشاركة في هذه العملية التي تعتبر الاولى من نوعها يخوضها الشعب الافغاني منذ اكثر من ثلاثين عام بعد احتلال سوفياتي انتهى عصر الاول بالدم ، وتسلم حركة طالبان المتشددة لزمام الامور حيث يشرف الاحتلال الاميركي على الانتهاء وربما بتشدد حركة طالبان وسيطرتها على الاغلبية الباشتونية .
فالمرشح الذي سيخوض المعركة الانتخابية في افغانستان سيواجه اربع عقبات اساسية في حملته الانتخابية وفي سلطته الذي سيقنع الناخبين والقوى الداخلية والخارجية ببرنامجه الانتخابي ولعلها :
- سيواجه المرشح الحالة الاقتصادية التي تعاني منها افغانستان وبالتالي عليه الحسم في كيفية حل المشاكل الاقتصادية الداخلية والظروف المعشية القادمة لهذا الشعب .
- كيفية التعامل مع الدول الاقليمية المؤثرة واللاعبة بقوة في الملف الافغاني وفي مقدمتها امريكا، باكستان والهند وإيران والدول الخليجية .
- كيف "سيجلب" حركة طالبان الى طاولة الحوار والتحاور معها بعد خروج القوات الاجنبية والتي هي عازمة على الرحيل في نهاية العام 2014.
- الاتفاقية الامنية التي ستوقع مع الدول الغربية وأميركا .
ولكن السؤال الاول والأساس: ماذا كان في جعبة كل مرشح اثناء جولته الداخلية وماهي الطروحات التي وعد بها كل مرشح ناخبيه بعد فوزه ؟؟.
فالمرشح عبدالله عبدالله الذي يفتقد الى شعبية وتأييد واسع داخل الكتلة الكبيرة الباشتونية نظرا لعلاقته القديمة بتحالف الشمال والى طلبه من اميركا استخدام الطائرات بدون طيار في ملاحقتها لعناصر طالبان وبالرغم من جولته على المناطق الحامية في مناطق التوتر الافغاني التي تسيطر عليها طالبان اثناء حملته الانتخابية، فهذا لم يؤمن له حضورا واسعة لتخطي النسبة التي تساعده من اجل الوصول لرئاسة الجمهورية.
الرئيس القادم سوف يصطدم بمشكلة الاتفاقية الامنية التي تحدد الوجود الاميركي في افغانستان، وبخاصة بعد ان رفضها الرئيس الافغاني حميد كرا زاي تاركا لوريثه حل هذه العقبة بعد ان رفض الشروط الثلاث التي تخول الجيش الاميركي استخدام طائرات دون طيار، وتتسبب بقتل المدنيين ،وطالب بمحاسبة الجنود الذين يرتكبون جرائم على الاراضي الافغانية دون منحهم الحصانة وتحديد عدد الجنود وصلاحيتهم في افغانستان .
اضافة الى مشكلة طالبان التي يجب على الرئيس التفاوض معها وإشراكها بالحياة السياسية الافغانية من خلال ضمان عملها السياسي وانخراطها بالمجتمع الافغاني وفتح الابواب امام القومية الباشتونية وإعطائهم الحقوق والصلاحيات وإبعاد شبح التهميش الذي اصابهم طوال الفترات السابقة، والاعتراف بأنهم من صانعي الاستقلال الاول والثاني في حربهم ونضالهم ضد الروس والأمريكان وربما هذه الامور الى جانب الدعم الاقتصادي والإقليمي والدولي يساعد الرئيس القادم على تفكيك المشاكل والعبوات القابعة في طريق الحل، وعدم السماح للتطرف في الاستنهاض والسيطرة، نتيجة عدم ادارة اللعبة السياسية بطريقة سليمة ،لكن يبقى علينا انتظار الجولة القادمة من الانتخابات ولمن سيعطي الشعب الافغاني ثقته لأجل الازمات القادمة ،وكيف سيكون موقف طالبان في الجولة الثانية .
ويبقى الحسم في صناديق الاقتراع التي ستقول من هو الذي اقنع الشعب الافغاني ببرنامجه ليتولى سيدة القيادة .
د.خالد ممدوح العزي .
كاتب وباحث اعلامي مختص بالعلاقات الدولية والإعلام السياسي.