يعود الهاجس الامني ليشغل الساحة الداخلية على خلفية التطورات المتسارعة التي يشهدها العراق، في ظل وضع سياسي غير مستقر محليا. فقد بدأ الشغور في موقع الرئاسة الاولى الذي يدخل اعتبارا من اليوم اسبوعه الرابع، يلقي بثقله على المشهد السياسي، ليس بفعل اختلال التوازن الطائفي على مستوى المؤسسات الدستورية، وانما نتيجة استغلال فريق الثامن من آذار وواجهة مسيحية يمثلها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون هذا الشغور من اجل تعطيل عمل الحكومة بحجة حماية صلاحيات رئاسة الجمهورية المنتقلة دستوريا الى مجلس الوزراء.
فبعد 3 جلسات للمجلس للبحث في آلية عمل الحكومة في ظل الشغور الرئاسي، لم تتوصل المكونات السياسية للحكومة الى تفاهم حولها. وفيما لم يظهر اي مؤشر حتى الآن عن موعد الجلسة المقبلة، قال رئيس الحكومة لـ"النهار" انه يعتزم تفعيل عمل حكومته، مشيرا الى انه لا يمكن ابقاء الحكومة في حالة الانتظار. واذ اكد انه سيكون هناك حكما جلسة هذا الاسبوع، اشار الى ان الجلسة ستتضمن جدول اعمال بالامور العالقة لأنه لا يجوز تعليق مصالح المواطنين ووقف عجلة الدولة. وقال: "فليمارس المجلس صلاحياته ويبحث في جدول الاعمال وبعدها نرى كيف نقارب مسألة وضع القرارات المتخذة موضع التنفيذ". وكشف سلام ان هذا الموضوع طرح في الجلسة الاخيرة لملجس الوزراء. ولم يتخذ قرار في شأنه بعدما طلب عدد من الوزراء الاستمهال والتريث من اجل التوصل الى توافق على آلية. لكن سلام الذي نزل عند رغبة الوزراء ولم يحدد بعد موعداً لجلسة جديدة، كشف انه لن ينتظر طويلا خصوصا اذا تبين ان طلب التريث لا ينطوي على نية طيبة لتسهيل عمل الحكومة، بل يهدف الى التعطيل.
وفي حين تأتي احداث العراق لتعيد احياء المخاوف من احتمال انفجار الوضع الامني في لبنان على خلفية الاحتقان المذهبي وامكان امتداده من العراق الى لبنان واستغلاله لزعزعة الاستقرار الامني، فإن رئيس الحكومة لا يبدي قلقا كبيرا حيال هذه المخاوف، ويخفف وطأتها من خلال تأكيده ان الوضع الامني ممسوك ومضبوط، وان الاجهزة الامنية والعسكرية تقوم بكل الاجراءات وتتخذ كل التدابير من اجل منع اي تفلت امني او مس بالاستقرار.
وعن المخاوف من خلايا نائمة يمكن ان تتحرك على الساحة المحلية، يعلق سلام ساخرا بالقول: "لن ندعها تستفيق"، كاشفا ان الجيش والقوى الامنية المختصة مدركة للمخاطر الامنية وتعمل على تفكيك اي شبكات او خلايا وقد تم الكشف عن الكثير منها ولن يكون هناك تقصير في الكشف عن المزيد اذا تبين ان هناك مزيدا.
وهل من توجه الى دعوة المجلس الاعلى للدفاع الى الانعقاد من اجل البحث في الوضع الامني؟ لا يرى سلام داعيا لذلك في الوقت الحاضر على قاعدة انه لا داعي لتضخيم الامور. لكنه يؤكد في المقابل انه سيكون هناك جلسة معه على مستوى قادة الاجهزة لمواكبة الاوضاع.
يذكر ان الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ناقشت تطورات الوضع العراقي وبحثت في التداعيات المحتملة على الساحة المحلية والاجراءات المطلوب اتخاذها لمواجهتها، فيما باشرت الاجهزة الامنية تحركها من اجل احتواء اي تحرك على الحدود في اتجاه لبنان او تحريك لخلايا نائمة داخليا.
اما على صعيد الملف الرئاسي، فقد علقت مصادر سياسية اهمية بالغة على عودة الحرارة الى العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، واشارت الى ضرورة ترقب ما سيسفر عنه اللقاء المباشر بين الرجلين، خصوصا أنه لن يقتصر على تقويم الوضع والعلاقة بينهما، وانما سيتناول في شكل اساسي ملف الرئاسة.