يجب ألا يتعدى أحد على صلاحيات رئاسة الحكومة، لا انتقاصا من حقوق الطائفة السنية، بل حفاظاً على الموقع الذي يهم اللبنانيين على اختلاف مشاربهم. وكرامة رئاسة الحكومة، كما رئاسة مجلس النواب، من كرامة اللبنانيين كافة. وكلنا نذكر كيف انتفضنا جميعا لكرامتنا عندما قرر احد "الاشقاء" من وراء الحدود التعرض لكرامة الرئيس فؤاد السنيورة ومن ورائه الرئيس سعد الحريري. ومن لم يعترض آنذاك ارتكب نوعا من الخيانة الوطنية اذ لا يجوز في أي حال، الوقوف مع الغريب ضد مواطنينا في أي مستوى وظيفي او سياسي كانوا.
اذا تعطلت الحكومة فلا يعني ذلك اعتداء على السنة، بل ضرب اضافي لمفهوم الدولة ومنطق المؤسسات. وعلى اللبنانيين ان ينتفضوا لكرامة وطنهم اليوم وكل يوم من أجل دفع الجميع الى انتخاب رئيس للدولة.
المشكلة ليست مارونية فحسب، وان كانت ثمرة الخلاف الماروني المستمر، لكنها مشكلة بحجم وطن. وطن دستوره وقوانينه وأعرافه لا تسعفه لتجنّب الشغور الرئاسي، حتى ان الدستور لم يلحظ بوضوح ادارة للشغور، لانه لم يتوقع وصول الحال الى الدرك الذي بلغناه.
صحيح ان المطلوب من المسيحيين حد أدنى من التفاهم للحفاظ على الموقع، بعدما أشبع تفريغاً من صلاحياته، لكن الأكيد ان مجلس النواب مسؤول أكثر من أي وقت عن عدم إيجاد مخارج دستورية لهذا الواقع.
لبنان اليوم جسد بلا رأس، وهي حالة غير طبيعية ولا يمكن ان تستوي معها الامور، خصوصا ان الازمات المحيطة تكاد تعصف بنا، وقد اختبرنا ويلاتها أكثر من غيرنا، وقبل غيرنا، ودفعنا كل غال، وحان لنا ان نتعلم من ماضينا القريب.
الخوف، كل الخوف، ان تمضي المؤسسات في عملها الطبيعي، كأن لا شيء غير طبيعي في البلاد، وكأن وجود الرئيس وعدم وجوده سيان، لكن الأخطر أيضاً أن تتعطل كل المؤسسات فنمضي من حال مأسوية الى انهيار، عندها تكون الحاجة ماسة الى مؤتمر تأسيسي يحاذره كثيرون.