نهلة صفا
يبدو ان التطورات في العراق ستقلب المنطقة رأسا على عقب . استطاع تنظيم "داعش " ان يغير جذريا النظرة الى الامور : ما قبل زحف "داعش " شىء وما بعده شيء آخر . كل بلد مجاور للعراق يتحسس رأسه خوفا من هذا الوحش القادم ، الذي من يرتعد منه اليوم ، هو من عمل اقله خلال السنتين الماضيتين على تسمينه وحشوه حتى صار ذلك الحيوان الضخم غير الممكن السيطرة عليه .
هذا ما تجنيه سياسة نوري المالكي ، الذي دأب ومنذ وصوله الى الحكم على السير في سياسة التنكيل والتمييز المذهبي والطائفي، خصوصا ضد عناصر وضباط الجيش العراقي ، الذي حلّه الأميركيون بعد سقوط نظام صدام حسين ، فما كان من معظم هؤلاء الا الارتماء في أحضان الجماعات المتشددة ، إما لحاجة المال وإما انتقاما للظلم اللاحق بالسنّة ، جراء تصرفات وأفعال قوات المالكي .
غير ان السؤال الكبير الذي يحير الدوائر السياسية المراقبة، هو انه كيف استطاع تنظيم من بضعة آلاف عنصر ، جعل هذا التعداد الكبير للجيش العراقي ، يتبخر في ساعات معدودة ، ليتمكن من السيطرة على الموصل ثاني اكبر المدن العراقية .
علّ في الامر "خيانة " كما يشير نوري المالكي ، ولكن مراقبين آخرين يلفتون بشكل أساسي الى الانتفاضات المحلية التي حصلت في مدن الشمال العراقي ضد حكومة المالكي ، والتي كان لها الدور الفاعل في طرد عناصر الجيش العراقي من هذه المناطق ، فما كان من "الداعشيين " الا ان التقطوا الفرصة وتمددوا للسيطرة على الأوضاع . والمفارقة هنا ان عراقيي المدن والمحافظات في الشمال العراقي ، يفضلون حكم "داعش" على حكم المالكي ، وفق ما نقلت العديد من الصحف الاجنبية في تقارير لها .
في كل الأحوال ، زحف "داعش" أخذ يقض مضاجع الادارة الاميركية وهو ما حدا بالبنتاغون الى الامر بإرسال حاملة الطائرات جورج بوش الى الخليج ، تحسبا لاي قرار بالتدخل العسكري في العراق، علما ان الرئيس باراك اوباما كان اعلن قبل يومين ان قرار التدخل لا يزال قيد الدرس والنقاش في أروقة الادارة الاميركية .
لبنانيا ، كيف ينعكس التطور العراقي على الساحة اللبنانية ؟؟، ينعكس من زاوية الصراع المذهبي السني الشيعي ، وهو ما يخشاه الكثير من المراقبن ، نظرا لهشاشة الارض اللبنانية وقابليتها لجذب اي مادة نزاع إقليمية ، بسبب امتدادات المكون الطائفي في المنطقة العربية .
ويدعو هؤلاء المراقبون الى ترقب كيفية تعامل حزب الله مع الحدث العراقي ، والذي وحسب التسريبات يعد العدة أيضاً لنجدة الحليف نوري المالكي ، كما فعل ولا يزال يفعل مع النظام السوري .
ختاما ، لقد أسدت " داعش " في ما حققته في العراق، الخدمة الكبيرة لنظام الرئيس بشار الاسد وهو الذي طالما كان يسعى الى تصوير حقيقة الثورة ضد نظامه على انها مجموعات إرهابية غايتها التخريب وزعزعة الاستقرار . فهو منذ ما يقارب العام ، اطلق مجموعات كبيرة من هؤلاء المتشددين من سجونه وترك لهم الكثير من المناطق السورية كي يمارسوا هواياتهم في بقر البطون وقطع الرؤوس ، فنجح في استثمار مخالب "الوحش " الخارج من القفص .
داعش...الوحش القادم .
داعش...الوحش القادم .نهلة صفا
NewLebanon
مصدر:
خاص موقع لبنان الجديد
|
عدد القراء:
2881
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro