لا تزال التطورات الامنية والعسكرية التي تشهدها الساحة العراقية تتصدر الاهتمامات العربية والدولية ,في حين تتضارب الأنباء الواردة حول الأحداث الجارية لكن المؤكد أن ما حصل يوم أمس وقبله أعاد العراقيين حكومة وشعبا الى التفكير الجدي في مواجهة الأرهاب والقضاء على الجماعات المسلحة التي جعلت من العراق ساحة مفتوحة لعملياتها الاجرامية في قتل الأبرياء واستباحة الأرض والعرض .
وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ما حصل في الموصل والتي كثرت التكهنات والتحليلات بشأنها يسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسؤولين آخرين إلى استعادة زمام المبادرة وإعادة الأمور إلى نصابها عبر الإعلان عن الدعم الكامل للقوات المسلحة العراقية والوقوف صفا واحدا لمواجهة الارهاب .
وقال المالكي، في كلمته الأسبوعية أمس، إنّ «الصراع ضد الإرهاب والمجاميع الإرهابية.. هو صراع يمتدّ مع الزمن.. ويتعلق بإطار الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي والإجماع الوطني لمواجهة عصابات تتحرك هنا وهناك مستفيدة من الخلافات والمماحكات السياسية»، مضيفاً «قلنا إنّ الاستقرار السياسي أساس للاستقرار الأمني، وما حصل في الموصل لم يكن بعيداً عن هذا المؤثر، مؤثر الخلافات التي كان الإرهاب يسمعها ويقرأها يومياً مستغلاً ذلك ومستفيداً منه».
وتابع سنخرج «الشوك الذي في أقدامنا بأيدينا ولن نعتمد على أي جهد آخر في معالجة هذا الموقف، مستنهضين همة أبناء محافظة نينوى الذين توجهوا الآن للتطوع وحمل السلاح لمواجهة» ما وصفه بـ«المؤامرة التي حصلت».
وأكد المالكي في كلمته «(أقول إنها مؤامرة) بكل صدق لأن ما هو موجود من قوات لـ«القاعدة» و«داعش» ليست بالمستوى الذي يواجه ويقابل ما كان موجوداً من الجيش والشرطة، ولكن ما الذي حصل، وكيف حصل هذا، وكيف انهارت بعض الوحدات العسكرية؟ أنا أعرف الأسباب، ولكن اليوم نحن لسنا بصدد تحميل مَن الذي قام بهذا الفعل؟ وكيف تمت العملية؟ ومن أين دخل هؤلاء؟ ومن الذي أطلق الإشاعة؟ ومن الذي أمر بسحب الضباط والجنود حتى يحدث إرباكاً في الوحدات العسكرية؟».
وتابع نحن «نعد العدّة ونتهيأ ونستعيد عملية تنظيم القوات المسلحة المعنية بتطهير نينوى من هؤلاء الإرهابيين ولن نسمح لهم بالبقاء، ولن نسمح للذين أرادوا من خلالهم أن يدخلوا مدخلاً صعباً بالنسبة للعملية السياسية»، مضيفاً أنّ «الجيش والشرطة، الأجهزة الأمنية، أقوى من هؤلاء بكثير، ولكن حصلت خدعة وحصلت مؤامرة سنتعامل معها، ولكن بعدما ننهي وجود هؤلاء وبقوة السلاح وبقوة إرادة ابناء المحافظة وإرادة ابناء العراق».
وقال المالكي «لن يستطيع احد أن يتعامل مع هؤلاء الأوباش الذين اندفعوا الى العراق لما واجهوه في سوريا والذين وجدوا في المتآمرين المتواطئين فرصة لوضع قدم يتصوّرون أنهم ستبقى، هذه القدم موجودة في نينوى».
وتحدّث المالكي عن الإجراءات التي ستتخذ خلال المعركة مع «داعش»، قائلاً «سنعيد بناء جيش رديف من المواطنين الذين يحملون السلاح بوجه الإرهاب بموازاة هذا الجيش».
من جهتها دعت المرجعية الدينية في النجف القيادات السياسية في العراق إلى توحيد كلمتها وتعزيز وجودها للوقوف بوجه الإرهابيين، وأكدت دعمها ومساندتها للقوات المسلحة حثّتها على الصبر والثبات بوجه المعتدين. ونشر موقع المرجع الاعلى السيد علي السيستاني بيانا جاء فيه : بسم الله الرحمن الرحيم تتابع المرجعية الدينية العليا بقلق بالغ التطورات الامنية الاخيرة في محافظة نينوى والمناطق المجاورة لها، وهي اذ تشدد على الحكومة العراقية وسائر القيادات السياسية في البلد ضرورة توحيد كلمتها وتعزيز جهودها في سبيل الوقوف بوجه الارهابيين وتوفير الحماية للمواطنين من شرورهم تؤكد على دعمها واسنادها لابنائها في القوات المسلحة وتحثهم على الصبر والثبات في مواجهة المعتدين. رحم الله الشهداء الابرار ومن على جرحاهم بالشفاء العاجل انه سميع مجيب.
وصدر عن حزب الدعوة الاسلامية في العراق بيان دعى ابناء الشعب العراقي وقواه السياسية الى الوقوف بوجه الهجمة الارهابية المدعومة من الخارج وتجاوز الخلافات السياسية حفاظا على الشعب والوطن والتلاحم مع القوات الامنية في جهاد بطولي ضد الارهاب ودفاعا عن الموصل الحدباء.واعلن الحزب استعداده الكامل لاسناد كل الجهود المبذولة للدفاع عن كل شبر من ارض العراق ويهيب بالقوى الوطنية توحيد الجهود والوقوف صفا واحدا دفاعا عن المقدسات وارض الانبياء.
ودعى الزعيم الديني السيد مقتدي الصدر في بيان صدر عنه يوم أمس إلى تشكيل «سرايا السلام» التي تهدف إلى الدفاع عن «المقدّسات».
وقال الصدر إنه «من منطلق الحفاظ على لحمة العراق، فلست أنوي زج أبناء العراق بحرب قد زجّنا بها بعض ذوي السياسات المنحرفة، بيد أني لا أستطيع الوقوف مكتوف الأيدي واللسان أمام الخطر المتوقع على مقدساتنا، لذا فإني ومن معي من المخلصين على أتمّ الاستعداد أن ننسق مع بعض الجهات الحكومية لتشكيل (سرايا السلام) للدفاع عن المقدسات بشرط عدم انخراطها إلا مؤقتاً في السلك الأمني الرسمي وبمركزية منا لا بالتحاق عفوي يسبب الكثير من الإشكالات».
وتابع زعيم التيار الصدري، الذي أعلن اعتزاله العمل السياسي في منتصف شهر شباط الماضي، «لست مستعداً لا أمام الله ولا أمام شعبي الحبيب أن أخوض معركة عصابات وميليشيات قذرة لا تميز بين الإرهابي وبين الخائف منهم وطالب الخلاص».
وأكدَ السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي أن الانهيار الأمني في مدينة نينوى وبعض المدن المجاورة لها يهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي ،وشدد الحكيم
على أهمية توحيد المواقف وتنسيق الجهود والعض على الجراح لمواجهة الإرهاب ، مبينا أن الأمر يتطلب وقفة جادة من القوى السياسية والمجتمعية والشعبية لمواجهة الإرهاب ، وأشار إلى أن لا مكان لداعش في العراق ولا يمكن الاقتصار على إيقاف زحفهم بل للقضاء عليها ، داعيا إلى تسخير الإمكانات البشرية والمادية والغطاءات الإقليمية والدولية للعراق في مواجهته مع الإرهاب، مثمنا موقف مجلس الأمن والاتحاد الأوربي والجامعة العربية لدعمها للعراق في مواجهة الإرهاب ودعا السيد الحكيم القيادات الوطنية إلى اجتماع عاجل لتدارس تطورات الأوضاع والانتصار للعراق والعملية السياسية ، مشيدا بموقف المرجعية الدينية العليا التي أصدرت بيانات واضحة تدعو لوحدة الصف ودعم الأجهزة الأمنية ، مجددا دعمه لضباط الجيش الشجعان وبطولاته الكثيرة خلال السنوات العشرة الماضية ، مبينا أن تضحيات الجيش لا يمكن أن ننساها آو نتناساها ، موضحا أن المعارك كرّ وفرّ وسنعوض تلك الجولة بجولات وصولات نستعيد بها كامل الأرض العراقية ، مطالبا بتشخيص العناصر المتخاذلة والقيادات الفاشلة التي فرت وتركت سلاحها ومحاسبتها لإساءتهم لسمعة المؤسسة العسكرية العراقية وتعريض أرواح المواطنين للخطر ، مشددا على أن العار والشنار لكل من تخلى عن سلاحه وترك المعركة ولاذ بنفسه وأساء للمؤسسة العسكرية والشعب العراقي ، محذرا من فراغ دستوري في هذه الظروف الصعبة ، داعيا مفوضية الانتخابات الى حسم الطعون والمصادقة النهائية على نتائج الانتخابات ليتسنى عقد جلسة مجلس النواب الجديد، داعيا أعضاء مجلس النواب إلى حضور جلسة الخميس القادم وتدارس الأوضاع الراهنة ، مؤكدا حاجة الحكومة إلى غطاء قانوني وسياسي لمواجهة الإرهاب.