ابو مازن:يختار محاور التطرف والتشدد الاسلامي
تفجر الصراع الفلسطيني من جديد ،وفتحت الابواب على مصراعيها بين الكوادر الفتحاوية ، عندما قرر الرئيس محمود عباس 'أبو مازن'، فصل خمسة من عضوية الحركة. وجاء في نص القرار أنه وبعد الاطلاع على أحكام النظام الداخلي للحركة، وبناء على مصادقة لجنة مكافحة "التجنح" على توصية اللجنة الفرعية المشكلة في قطاع غزة لهذه الغاية وبناء على الصلاحيات المخولة لها، قررت فصل كل من "ماجد أبو شمالة، وناصر جمعة، وعبد الحميد المصري، وسفيان أبو زايدة، ورشيد أبو شباك "، والقرار يلزم الجهات المعنية بالتنفيذ . وبظل هذه العملية غير القانونية :" ذاب الثلج وبان المرج": حسب المثل الفلسطيني الذي كشف المستور عنه في سياسية ابو مازن و اصبح اللعب على المكشوف في فلسطين وهذه والخطوات مدروسة بعناية ...
وقد وضعت الرئيس نفسه في الجانب الآخر من المواجهة بين التحالف ضد لإخوان بشكل لا يقبل الشك.نتيجة العلاقة الجيدة والممتازة التي تربطه بقطر وتحديدا بسبب المصالح المالية والشخصية التي تربط ابنائه ياسر وطارق .
يكتب د. طلال الشريف بان قطر تحكم فلسطين وتفصل كوادر فتح"،فالإخوان وقطر قد كسبوا لاعبا جديدا في مواجهة مصر والسعودية والأمارات وسيدخل عباس الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره في أزمات الخريف العربي بتحالفه الجديد القديم مع قطر حماية للإخوان في معركته مع فتح الملتصقة تاريخيا بالسياسة المصرية.
يحاول الرئيس عباس منذ فترة اطلاق اشارات مبهمة للتعبير عن تموضعه الجديد في التحالفات العربية ، فمنذ اطلاق خطابه المأزوم في المجلس الثوري الفتحاوي على تحالف مصر السعودية الامارات من خلال شخص دحلان فكان بمثابة خطاب الفضيحة.
محمد دحلان ذو العلاقة المميزة مع هذا التحالف ولم يكن حقيقة اشارات أبو مازن موجها لدحلان بقدر ما كانت رسالة للتحالف ضد الاخوان وهذا على ما يبدو هو الدور الجديد الذي سيلعبه الرئيس محمود عباس حسب تقسيم الأدوار بضرب الجزء الفلسطيني المتحالف مع مصر والأمارات والسعودية ،فكان الشكل موجه ضد دحلان كبير المناوئين له في الساحة الفتحاوية خاصة والفلسطينية عامة.
فالرئيس ابو مازن كان يدير علاقة مبهمة مع قطر يحاول تبريرها لمصلحة الشعب الفلسطيني وخاصة موقفه المرتبك من ازمة مخيم اليرموك وعدم الادانة الصريحة لنظام الاسد بل ذهب اكثر من ذلك حين خاض مفاوضات سرية في سفارته في بيروت لإطلاق سراح السجينات السوريات مقابل مخطوفين لبنانيين في اعزاز بمشاركة امنية" قطرية-تركية- لبنانية"، وبوجود ممثله الشخصي في سورية عباس زكي في سورية لكن النظام افشل الصفقة الثانية بتجنيب مخيم اليرموك ،ولم يكتفي السيد عباس بهذا التواطؤ مع النظام السوري بل ارسل رسالة شكر للرئيس بشار الاسد شاكرا القيادة السورية ونظام الاسد لما قدمته من مساعدة للشعب الفلسطيني في ازمته ومحنته الجديدة سورية،و الذي ينفذها نظام الممانعة .
لكن الحركة البهلوانية السريعة الذي نفذها الرئيس ابو مازن في عملية المصالحة بين حركة حماس وحركة فتح وغير المتوقعة بسبب طول انتظارها وربطها بمشاكل الدول الاقليمية التي كانت تضع فلسطينيو غزة في الاسر ، لم يشعر الفلسطينيون بهذه المسرحية إلا لاحقا ، فالمصالحة السريعة جدا والغرام الجديد وتلبية كل مطالب حماس على حساب القوى الفلسطينية الاخرى ،لقد تبلورا سريعا بالخلاف العلني والهجوم التي شنته بعض القوى الفلسطينية على الرئيس عباس وداخل الخلاف اروقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وادى الى انسحب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتعليق دورها وعملها في اللجنة ، نتيجة تفرد ابو مازن بالقرار السياسي وتقاسم الحصص داخل الحكومة المكلفة على حساب القوى والإطراف الفلسطينية الاخرى، مما دفع بالرئيس بتهديد الجبهة بقطع المعونات المالية عنها . فالمتعهد القطري وضع المصالحة بمواجهة مصر وخاصة بعد نجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات وإصرار قطر والإخوان على مواجهة السيسي لكون مصر القوة المتقدمة في مواجهة الاخوان والذي انفضح الآن سر الاستعجال بالمصالحة والتي كانت خطوة هامة للتحضير كما هو حادث الآن من عودة التحرش بمصر والتحريض ضد رئيسها.
فالخطاب الذي قدمه الرئيس عباس امام حركة فتح في مؤتمرها الثوري ، كان يهدف بالأساس الى تبرير اعمال عباس القادمة في فتح قنواته العلنية مع قطر والإخوان المسلمين، وتلبية لشروط قطر القادمة قام الرئيس عباس بمخاطبة الشعب الفلسطيني وكوادر الحركة بخطاب هجومي لا يخلو من القدح والذم بحق النائب الفلسطيني محمد دحلان الذي بدأ يشكل حالة خطيرة ضد عباس والتحالف الاخواني في منطقة غزة وداخل الاراضي الفلسطينية ومنافسة شديدة لتوجهات عباس ومناصريه داخل الحركة مما يعبر عن ازمة حقيقية تعيشها حركة فتح من تكهل وانهيار في مؤسساتها الحزبية وخطابها السياسي والثقافي . فالمحاكمة التلفزيونية للنائب محمد دحلان بتهم مضحكة كانت هزلية وانعكست على ابو مازن نفسه مما دفع بالكثيرين القول بان ابو مازن لم يعد يعيش في واقعها واصبح متعبا وتقدم به العمر .فالمحاكمة كانت رد شخصي من ابو مازن على دور دحلان القادم في قطاع غزة وعلى مواقفه المطالبة والمسرة على محاسبة اولاد الرئيس الفاسدين ، و خاصة ان حركة حماس تعتبره هو وجماعته من اكثر المجموعات عداءا للإسلاميين . لقد أدخل عباس نفسه والشعب الفلسطيني في مواجهة مع مناوئي الاخوان في المنطقة وبدل أن يكون المنطق التصالحي البريئ ذو الصفة الوحدوية الفلسطيني بأن يصالح فتح في داخلها ويصالح فتح وحماس أدخل الشعب الفلسطيني كله في أزمة كبيرة بتحالفه الجديد مع الاخوان لمواجهة التحالف المناوئ ومواجهة حصته المناوئة الفتحاوية كما هو مرسوم رغم خطورة ما يفعله بالشعب الفلسطيني.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل بدأت سياسة العبث والتخريب الذي في الحياة الفلسطينية من داخل البيت الفتحاوي وخاصة في غزة على يد الرئيس نفسه بإيعاز من قطر .
لم يكن مستغربا ابدا ان ينفذ هذه القرارات الشمولية الدكتاتورية وخاصة مع بدأ الاستعداد لتنفيذ المصالحة الفلسطينية والذي يرتبها عزام الاحمد في غزة ، والذي عمد قصدا عن عدم لقاء قطاع الحركة في غزة ولم يجتمع بالكوادر الفتحاوية فيها، حيث رفعت صوتها هذه الكوادر لعدم مطالعتها ومفاتحتها عما يحدث ويدور تحت الطاولة ، وهي التي اضحت تعلم من وسائل الاعلام بالرغم من عزام الاحمد كان يجتمع تلقائيا وبانتظام مع الكوادر الفتحاوية في الضفة الغربية ويشرح لها عن خطوات المصالحة بين الحركتين والتي طال انتظارها طويلا .
لم يفهم الحركيين ما يحدث وماذا يدور في كواليس القيادة الفتحاوية وهذا التعاطي مع أبناء الحركة الذي يُساق (كقطيع) الى مصيره دون إرادة منه فهذا مما لا يتفق لا مع النظام الداخلي ولا مع الأعراف الحركية، ولا مع سياسة الرئيس أبو مازن التي تتميز بالاستيعاب والصدر الواسع وتقبل الرأي الآخر.
لكن المستور خرج الى العلن من خلال الفصل والتنظيف الذي تم من خلال مسلسل الفصل للأعضاء والقيادات في حركة فتح في جزء منه قد اتخذ منحى غير نظامي أبدا، أي أنه بعيد عن النظام الداخلي وقوانين الحركة وأعرافها ، وفي جزئه الآخر كان مرتبطا بحسابات تسبق المؤتمر العام لحركة فتح، وفي جزئه الثالث نتيجة استبداد الموقع واستغلال النفوذ الذي طغى لدى البعض في الحركة (والبعض من هوامشها) الذين يصورون للرئيس (رئيس حركة فتح) -وللجنة المركزية فيها- أن في ذلك مصلحته ومصلحة الحركة ومصلحة فلسطين.
د.خالد ممدوح العزي