في مداخلةٍ سياسية حول زيارة وزير خارجية أمريكا جون كيري إلى لبنان عبر قناة "سكاي نيوز" كشف من خلالها رئيس تحرير موقع لبنان الجديد الكاتب والمحلل السياسي علي سبيتي بأن لهذه الزيارة أبعادها السياسية التي تتلخّص بمحاولة إيجاد تسوية ما بين الأفرقاء اللبنانيين بهدف التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للبنان بعد الوقوع بين فكَّي الفراغ الرئاسي.
1-من أين تأتي أهمية زيارة كيري إلى لبنان بهذا الوقت، وما الرسائل التي يحملها كيري في جعبته ؟
هي زيارة مهمة جداً، فالبتأكيد مسؤول أمريكي بشخص كيري لم يأتِ إلى لبنان للإستجمام أو للنزهة، فبالتأكيد لزيارته رسائل معينة متصلة بشكل مباشر بمعطيات المنطقة، وخاصةً على ضوء الاستحقاقات التي قامت بها والتي سوف تؤسس لأزمات جديدة على الوضعين خاصةً العراقي والسوري، كما هناك البعد الفلسطيني الآن من خلال المصالحة الفلسطينية وتصويب اسرائيل على هذه المصالحة وتصويبه أيضاً على لبنان وهناك رغبة اسرائيلية للقيام بعملٍ ما ضد لبنان. إذاً هناك منسوب خط مرتفع في المنطقة يريد كيري بشكلٍ أو بآخر أن يجعل نوع من الاستقرار في لبنان من خلال إمكانية أن يتوصل اللبنانيون إلى حلول فيما بينهم وخاصةً من خلال ثغرة الرئاسة التي أدت إلى إعادة الانقسام السياسي في لبنان بين الطرفين.
2-إذا أتى لدعم الاستقرار في لبنان، ولكن هل سيقدّم شيء ملموس، هل سيقدّم أجوبة أم أنه سيكتفي بطرح الأسئلة والاستماع لمختلف الأطراف ؟
هو سيكون له رؤيته في هذا المجال، الأمريكيون عادةً لا يفرضون شروط معينة لكن يحاولون إيجاد نوع من التسوية الممكنة بين الأفرقاء حتى لا تؤدي الأمور بينهم إلى نوع من الفلتان والفوضى التي تؤذي لبنان وتهدّد ما بناه اللبنانيون من خلال الحكومة السلامية. أعتقد أن هذه الرغبة الأمريكية التي تريد إيجاد نوع من القضاء الآمن للبنانيين وللبنان، تحث بشكل مباشر الأطراف المعنية للتجاوب مع هذه الرغبة الأمريكية لأن كل لبناني سواء كان في هذه الجبهة أو تلك يسعى بشكل أو بآخر إلى استقراء الموقف الأمريكي رغبةً منه بأن يكون على تماس مع الموقف الأمريكي وألا يكون معادياً له.
3-هناك من يقول بأن الولايات المتحدة تريد أن تنأى بنفسها نوعاً ما عن التدخلات الإقليمية في ايجاد تسوية للشغور الرئاسي في لبنان، حتى أنها بشكلٍ رسمي لن تعلن تأيدها لأي مرشح أو اسم للرئاسة اللبنانية ؟
الأمريكيون كما ذكرت لا يؤيدون فريق دون فريق في هذا الموضوع، خاصة في الموضوع الرئاسي، يهتمون كثيراً في الأسماء المطروحة ويتركون هذا الموضوع للبنانيين أنفسهم لا سيما أن الولايات المتحدة ترى كما كان يرى هارون الرشيد "أينما ذهبتِ سوف يأتيني خراجك، عندما خاطب الغيمة" فأي رئيس سيأتي في لبنان سواء كان من هذه الجهة أو تلك سوف يسعى بشكل أو بآخر بخطوات حثيثة لكي يكون وسيط في الإدارة الأمريكية والسياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن لا يمكن لأي رئيس كان أن يكون بعيداً عن الفهم الأمريكي أو الرؤية الأمريكية.
4-ماذا يربط بين المفاوضات على البرنامج الإيراني بين طهران ومجموعة الخمسة زائد واحد وهذا نوعاً ما يمكن تسميته نوع من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران، وأن مفتاح الحل في لبنان يأتي من علاقة الولايات المتحدة بالسعودية وتقاربها حالياً مع إيران وليس من الداخل اللبناني ؟
لا شك بأن هذه الملفات المفتوحة يرتبط اسم لبنان فيها بشكلٍ أو بآخر وكذلك سوريا وحتى أوكرانيا دخلت الآن في المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الخمسة زائد واحد، إضافة هناك نوع من التقاطعات التي يمكن أن تكون على الوساطة الكويتية بين إيران والسعودية. فهذه الملفات تسهم بشكلِ واضح بتصويب بعض الأمور في لبنان وغير لبنان لأن إيران فاعلة ومؤثرة في لبنان كما أن السعودية فاعلة ومؤثرة في لبنان ، كما أن روسيا الآن على ضوء خلافاتها مع أوروبا والولايات المتحدة، وأوكرانيا سيكون لها صيد سياسي وعسكري في سوريا. بمعنى أن هناك تأزمات في لبنان على ضوء الانتخابات التي حصلت في سوريا وعلى ضوء الانتخابات التي حصلت في العراق وإمكانية عدم الوصول إلى تسويات سياسية وإبقاء المنطقة ضمن العلاج العسكري والذي لا يفضي إلا إلى التأزمات. فهل يكون لبنان مرآةً عاكسةً لهذا المشهد المتأزم لهذه الرقع المشتعلة، أم أنه مطلوب منه أن يبقى كما هو عليه مشارك ضمن مشاركته التي لا تؤثر على بنيته الداخلية وعلى أمنه الداخلي أم أنه سينزلق بالطريقة التي ستكون مشهداً ملائماً للمشهد العراقي والسوري.