أحيت مدينة طرابلس يوم أمس الذكرى السابعة والعشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي. خلال مهرجان شعبي أقيم في باحة قصر عبد الحميد كرامي، وذلك بحضور الرئيس نجيب ميقاتي وممثل للرئيس إميل لحود، ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني والوزراء السابقين محمد الصفدي وطلال ارسلان وسليمان فرنجية وعبد الرحيم مراد وأحمد كرامي، وشخصيات أخرى ورجال دين.
وتُرخي هذه الذكرى بظلالها السوداء على الذاكرة اللبنانية في ظل صراعات الاستحقاق الرئاسي الذي يشهد تجاذبات داخلية وخارجية لا تبشّر بالخير حتى الآن.
ولكن ليس الاستحقاق الرئاسي بشكلٍ عام هو الذي جعل من هذه الذكرى أكثر تمايزاً عن السنوات الفائتة، بل ترشّح رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع للرئاسة بشكلٍ خاص هو الذي أعطاها بعداً سياسياً مبالغاً به بعض الشيء، لا سيّما أن اسم جعجع ارتبط بمقتل الرئيس كرامي.
ولا ننسى بعض الأصوات التي استُعملت في أول جلسة من الانتخابات الرئاسية في مجلس النواب، والتي اتخذت من اسم الشهيد رشيد كرامي أوراق استفزاز ومواقف تذكّر بأن السنين التي مرّت لم تغسل أحقاد الحرب الأهلية بعد.
وهذا ما حدث في الأمس فهو استغلال سياسي بحت للذكرى بهدف نسف ترشّح جعجع للرئاسة، وهذا ليس بغريب، فلبنان بلد الأبعاد السياسية، ولكلّ فريق سياسي شهيد يرفع قميصه الملطّخ بالدماء في وجه الفريق الآخر متّهماً إيّاه بالقتل أو بالمشاركة في القتل أو بالتستّر عن الجريمة، متناسياً أنه بذلك يقتل الوطن ويخنق روح العيش المشترك بالأحقاد والتّهم المتبادلة بين شركاء الوطن. فمن هذه الذكرى المؤلمة لنوجّه دعوة لكل أفرقاء السياسة في لبنان، نقول لهم فيها "اخلعوا عنكم قمصان التحريض..ولنحمل كلّنا قميصاً موحّداً نلوّنه بحبّ الوطن..ولا شيء غير الوطن..."