في انتظار ان تنجلي صورة الوضع في المنطقة ، سيبقى الشغور سمة السدة الرئاسية في بعبدا ، هذا ما يجمع عليه اكثر من مصدر ديبلوماسي . وفي تقدير هذه المصادر ان الرئيس العتيد للجمهورية اللبنانية سيكون صناعة خارجية ، وان الأمل بانبثاق ارادة لبنانية حقيقية تدفع باتجاه خروج هذا الرئيس من قمقم الحسابات السياسية لكل من فريقي الصراع في لبنان ، بات ضعيفا جداً ، فلكل فريق مرشحه معلنا كان ام مضمرا ، ولكل فريق القدرة على تعطيل النصاب كي لا يصل المرشح الخصم . اذاً .. لا مفر  من نجدة الخارج ، ولكن السؤال هو : هل هذا الخارج معني فعلا في هذه المرحلة بلبنان وبرئيسه وبكافة الهموم التي تشغل ساحته السياسية .. المصادر عينها تفيد ان الخارج يرى انه معني في هذه الآونة ، باستمرارية المظلة الدولية التي أنقذت لبنان من الارتدادات الكبيرة للازمة السورية ، وجعلت حيز الامن والاستقرار فيه ضمن الحدود المعقولة ، وبالتالي فان هذه المظلة الدولية ستنسحب على الملف الرئاسي بالشكل الذي يمكن حكومة الرئيس تمام سلام من ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية والقيام بالإنجازات والأعمال الضرورية التي تسير أحوال المواطنين وشؤونهم . وتعول المصادر الديبلوماسية المشار اليها على مجريات التفاوض الاميركي الإيراني او الغربي الإيراني عموما ، وإمكانية حلحلة التباعد في وجهات النظر على مستوى العلاقات الإيرانية السعودية ، وتدعو الى مراقبة الوضع السوري لناحية تمكن الرئيس بشار الاسد من كسب ولاية جديدة في الحكم ، ورد الفعل العربي والدولي على هذا الامر ، وهنا قد يكون من الضروري رصد الموقف الإيراني من مجمل الأوضاع في المنطقة ، في ضوء التقدم الذي قد يتحقق في الملف النووي ، فإذا اتفقت ايران مع الغرب واستطاعت أيضاً كسر الجليد بينها وبين السعودية ، عندها يمكن القول ان دول المنطقة قد تنعم بشيء من وفرة الامن والاستقرار - ولبنان بالتأكيد منها - اما اذا حصل العكس ، فالتحذير من عظائم الامور سيكون على كل المستويات . يبقى ان عنصرا جديدا طرأ على مشهد الصراع السوري وهو اعلان واشنطن عن عزمها تسليح المعارضة المعتدلة ، ومن ثم السعي الى خلق موازين قوى مختلفة على الارض ، تفرض العودة الى تحريك الحل السياسي وتاليا إرغام الاسد المجدد لنفسه على الخضوع لموجبات التفاوض ، وفقا لاتفاق جنيف او لاي اتفاق آخر ، وعليه فان اتضاح صورة الأوضاع في المنطقة مرتبط خلال الأشهر القليلة المقبلة ارتباطا وثيقا بجلاء الوضع السوري، وهذا الوضع مرشح لسنوات طويلة من الصراع ، بالرغم من التجديد للأسد ، اللهم اذا نجحت اميركا ، وفق ما تشير هذه المصادر - في التوصل الى تفاهم مع روسيا على خلفية الأرضية المشتركة بينهما في مكافحة الإرهاب ، يكون بديلا من اتفاق سايكس بيكو الشهير، ويؤسس لشرق أوسط جديد ، تنتفي معه اسباب الأزمة في سوريا وكذلك في لبنان ، وعندها تمهّد الطريق لقيامة الدولة القوية القادرة في لبنان ، ويسهل الإتيان برأس لتلك الدولة يستمد هيبته وسلطته من هيبتها وسلطتها .