كشفت الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي أجريت في الأسبوع الماضي عن تزايد قوة الأحزاب اليمنية الأوروبية في العديد من دول أوروبا ولا سيما في فرنسا والدول الإسكندنافية وهولندا واليونان والمجر، وتتميز سياسة هذه الأحزاب بنقطتين أساسيتين الأول مواجهة الوحدة الأوروبية والدعوة لتفكيك الاتحاد الأوروبي والثانية مواجهة المهاجرين القادمين من دول عربية وإسلامية وأفريقية، وتدعو هذه الأحزاب لاتباع سياسات قاسية ضد المهاجرين الجدد والقدامى.
وبعض هذه الأحزاب يقترب من شكل الأحزاب النازية والفاشية والتي سادت أوروبا في ثلاثينات القرن العشرين والتي سيطرت على عدد من الدول الأوروبية مما مهَّد للحرب العالمية الثانية.
وخطورة هذه الأحزاب أنها تعتبر المسلمين في أوروبا "شبه أعداء"، مما يزيد الحملة على المسلمين في وسائل الإعلام وضمن المؤسسات السياسية والحزبية والبلدية والتربوية، ورغم أن هذه الأحزاب لم تستطع الحصول على الأغلبية في البرلمان الأوروبي، فإن زيادة الأصوات المؤيدين لها في عدد من الدول إلى نسبة 25% ، وتبوأ هذه الأحزاب المرتبة الأولى في دول أخرى، تحمل مؤشرات مستقبلية خطيرة. ولذا يجب متابعة ما يجري في أوروبا من متغيرات سياسية وفكرية واجتماعية وكيف سينعكس ذلك سواء على السياسات الأوروبية العامة أو على الموقف من العرب والمسلمين وخصوصاً المهاجرين الأوروبيين من أصول إسلامية أو شرقية أو أفريقية.
وقد تكون بعض ممارسات المهاجرين المسلمين سبباً لانزياح الجمهور الأوروبي نحو اليمين المتطرف، لأن الأحزاب اليمينية تستغل بعض الأخطاء والمواقف التي يتبناها المسلمون ولا سيما المتطرفون منهم للتخويف من خطر المهاجرين.
وقد جرت محاولات عديدة لتصحيح أداء المسلمين الأوروبيين، إن من خلال إنشاء مؤسسات دينية أو عبر زيادة مشاركة المسلمين في العملية السياسية لكي يكونوا أكثر تأثيراً في الانتخابات.
ولقد كان المرجع الراحل السيد محمد حسن فضل الله(قدس) (إضافة لغيره من العلماء المسلمين) من الذين يشجعون المسلمين على الاندماج في المجتمعات الأوروبية وتفعيل دورهم السياسي والفكري والاجتماعي وعدم القيام بأي عمل يسيء لقوانين هذه البلاد.
إذن نحن أمام تحدي دولي جديد ومسؤولية المسلمين كبيرة في مراقبة ما يجري من متغيرات على الصعيد العالمي، لأن هذه المتغيرات سيكون لها تأثير كبير على مستقبلهم ودورهم سواء في بلادهم أو على الصعيد العالمي.