مروى علّيق
زحف الناخبون السوريون المغتربون والمهجرون قسراً في لبنان, أمس, إلى السفارة السورية في اليرزة في بيروت, لانتخاب وحش لم يرفّ له جفنٌ عند اجتياحه القرى والمدن السورية للقضاء على البنى التحتية فيها وعند ارتكابه مجازر بحق المدنيين استخدم فيها كلّ أنواع الأسلحة, وراح ضحيتها حتى اللحظة ما يقارب الـ200 ألف سوري, إضافة إلى اعتقاله ثواراً لم يرتكبوا جرماً سوى رفع صرخاتهم بوجه نظام همجي وقاتل, استشهد الكثيرين منهم تحت التعذيب في سجونه.
اتفق داعمو الثورة السورية في لبنان على الصعيدين الشعبي والسياسي, منذ إعلان رئيس مجلس الشعب السوري, محمد جهاد اللحام, عن موعد الإنتخابات الرئاسية السورية, على عدم نزاهتها وشرعيتها, لأسباب عديدة أهمها ترشيح بشار الأسد وعدم الإكتراث إلى كل تلك الدماء التي سقطت في الثلاث سنوات الماضية, ولكن لم يسلم الكثيرون من هؤلاء من الشَرَك الذي نصبه لهم النظام السوري وحلفاؤه في لبنان مستخدماً إعلامه الممانع الذي ضخّم الحدث وبالغ بأعداد الناخبين بهدف إيصال رسالة الأسد التي عمل على إقناع المجتمع الدولي والإقليمي بها, وهي أن "سوريا تبايعه" وكل من خرج بمظاهرات ضده كائنات فضائية لا يعرف عنها شيئاً.
فبدأت التعليقات والتصريحات التي حاذت العنصرية, تتدفق وتتلاشى على مواقع التواصل الإجتماعي, معظمها أتت كردود فعلٍ, لم ولن يدعها المناهضون للعنصرية في لبنان وخاصة تلك التي تُمارس اتجاه اللاجئين السوريين, تمرّ بهذه البساطة. فتصريحات بعض أعضاء قوى الرابع عشر من آذار, الذين لم يفلحوا يوماً بتبنّي الثورة السورية كما يجب, حول طرد اللاجئين السوريين المؤيدين لبشار الأسد من لبنان, دون الإكتراث إلى أدنى حق من حقوق الإنسان وهو عدم ترحيل نازحين أو لاجئين إلى بلدٍ تعيش حرباً أو نزاعاً, بتؤكّد على عنصريتهم اتجاه السوريين وتذكّر بانتهاكاتهم لهم سنة 2005, عندما اضطهدوا عمالاً سوريين ورموهم من الأبنية في بيروت وهتفوا في المظاهرات التي نفذّوها في ساحة الشهداء والتي طالبوا فيها بنزع الوصاية السورية عن لبنان, ضد الشعب السوري نفسه الذي ثار على "عدوهم" النظام السوري, والذي يدّعون أنهم يدعمونه اليوم.
إذاً كيف ستحدد قوى الرابع عشر من آذار الهوية السياسية للسوريين المقيمين في لبنان؟ عبر لائحات تتضمن أسماء الذين انتخبوا بشار الأسد في السفارة السورية في لبنان مثلاً؟ ألا يعلم كلّ من النائب نديم جميّل والنائب أحمد فتفت والصحافية مي شدياق وغيرهم من أعضاء 14 آذار الذين عبّروا عن غضبهم وغرّدوا على حساباتهم على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" أمس, أنّه هناك عدد من الناخبين وخاصة المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة حلفاء النظام السوري مثل جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية, اقترعوا لصالح الأسد خوفاً من كل ما تعرّضوا له في الآونة الأخيرة من ترهيب وتهديد وتخويف. وليسألوا حليفهم النائب ووزير الداخلية والبلديات, نهاد المشنوق, لماذا لم يطل القرار, الذي أصدره من أسبوع تقريباً, بمنع السوريين القيام بأي تجمعّات ولقاءات علنية لها أبعاد سياسية, المنتشرين على أوتوستراد الحازمية حاملين صور بشار الأسد وأعلام نظامه.
لماذا لا يسلم السوري المقيم في لبنان من أحقاد كلّ من الفريقين الثامن والرابع عشر من آذار. فمصيره مهدد في الحالتين: اذا لم يشارك في الإنتخابات, سيُطرد, يُشرّد, ويهان من قبل شبيحة كلّ من الحزب السوري القومي الإجتماعي, حزب البعث العربي الإشتراكي في لبنان وشبيحة حزب الله وحركة أمل, وإذا شارك سيتم الإعتداء عليه بالضرب كما حدث بالأمس في باب التبانة في طرابلس مع لاجئ سوريّ مقيم هناك.