"بالروح بالدم نفديك يا بشّار" عبارةٌ استيقظت على أنغامها الشاذّة صباح اليوم، فأسرعت إلى "البلكون" لأرى أفواجاً من المهلّلين لفرعون العصر بشار الأسد، فاستعذت من الشيطان الرّجيم ودخلت إلى غرفتي لأجهز نفسي وألتحق بعملي. وعندما نزلت إلى الشارع بقيت ما يقارب الأربعين دقيقة دون أن أجد سيارة أجرة تنقلني إلى عملي فأغلب وسائل النقل كانت منهمكة بنقل الناخبين السوريين إلى السفارة السورية في اليرزة للإدلاء بأصواتهم حيث بدأ العرض الأول من تراجيديا الديمقراطية المغمّسة بالدم، بينما جماهير الطاغية كانت تدور في أرجاء الضاحية الجنوبية لبيروت بطريقةٍ مكوكية تصدح بحناجرها المُستعارة وتهلّل وتغني لبشار.
فشعرت للحظة بأن عاصفةً ما قذفت بي إلى دمشق، ثم تذكرت بأنني في الضاحية والتي هي إمارةٌ سورية بامتياز، فلا داعي للإستغراب من هذا المشهد.
ولكنني تساءلت بيني وبين نفسي طالما أن هؤلاء الناخبون "يفدون بشار بأرواحهم ودمائهم" فلماذا هم هنا "في لبنان" فهناك الكثير من المناطق السورية الآمنة من البراميل الأسدية المتفجرة والكيميائي تحت سيطرة النظام السوري، لماذا لا يذهبون للعيش فيها ليطبقوا شعاراتهم في افتداء بشار بأرواحهم ودماءهم..!!!
ولكن لا ننسى أن هناك نسبةً كبيرة من هؤلاء الناخبين ذهبوا للتصويت بالترهيب والضغط الممنهج من حزب الله، حيث أن هناك البعض أخِذَت منهم بطاقاتهم الشخصية وما كان له من سبيل آخر غير انتخاب بشار لاستعادتها. أو لأن ساكن الضاحية الجنوبية لا يستطيع أن يُظهر إلا الحب الكاذب لبشار الأسد لأن لا مكان له في الضاحية إن لم يكن موالٍ للخلافة الأسدية.
وفي سياقٍ آخر لنلقي نظرة على المرشحَين الآخرَين للانتخابات السورية أو إن صحّ التعبير "كومبارس مسرحية الديمقراطية"، ماهر حجّار وحسان النوري، لعلّ الأشرف لهم كان أن يلعبوا دور الممثلين في هذه المسرحية على الأقل أفضل من الكومبارس، فأغلبية الناخبين السوريين في لبنان لا يعرفون أسماءهم ولا شكلهم حتّى، وهذا ما يؤكّد هزلية هذه الانتخابات وعدم نزاهتها أكثر وأكثر.
عذراً أيها السوري المتوجّه إلى اليرزة لانتخاب ملك النار والدم لا أحترمك ولا أحترم رأيك، هي عنصريّة مني أو ديكتاتورية سمّها كما تشاء وكما يحلو لك، فلو احترمتك للاحقتني أرواح أكثر مئتي ألف ضحية، فحنجرة القاشوش لا تسمح لي إلأ أن أشعر بالاشمئزاز من أصوات التهليل الخارجة من حنجرتك المستباحة سواء بالترهيب أو بالترغيب، فصورة حمزة الخطيب أولى بالرفع من صورة طاغيتك، وأفواه أهالي مخيم اليرموك التي جفت جوعاً وعطشاً لا تسمح لي أن أحترم أفواهكم المليئة بشعارات أنتم أنفسكم لا تؤمنون بها، وأطفال درعا وحلب وحمص... ستحاسبني يوم القيامة في حال لم أستعذ من الشيطان الرجيم أمام مشهد عرس الدم وحلبات الرقص على الجثث باسم الديمقراطية.
نهلا ناصر الدين