مروى علّيق

مع توافد اللاجئين السوريين الهاربين من براميل وجحيم النظام السوري الى لبنان, بدأت السلطات اللبنانية بجميع ألوانها, بإصدار قراراتها العنصرية بحقهم. ولكن على هذه السلطات أن تتذكر أنه هناك دائماً من يتصدّى لإجرائتها العنصرية والتحريضية.

ومن أبرز هذه القرارات, ما اتخذه كلّ من الوزير السابق نقولا صحناوي وعضو "التيار الوطني الحر" زياد عبس, اللذين طالبا في السابع عشر من آذار الماضي من خلال عريضة أُعدت لتسليمها إلى كل من وزير الداخلية ومحافظ بيروت ومجلس بلديتها بمنع تجول السوريين في الأشرفية والمدور والصيفي بعد الساعة الثامنة مساءً, وتنظيم دوريات أمنية ليلاً, وخاصة في أماكن تجمعاتهم, ونشر حرس البلدية خصوصاً عند مداخل المنطقة,  والكشف بشكل شبه يومي أو دوري على الشقق التي يمكثون فيها, للتأكد من هويّة قاطنيها ووجهة استعمالها. وشددت عريضة عبس وصحناوي أيضاً, إلى جانب أمور أخرى, على منع السوريين من فتح مؤسسات تجارية  "فقط يحق لهم العمل كعمال وشغيلة", وليس منافسة اللبناني في إنشاء مؤسسة خاصة, فالوزيرين يعلمان جيداً أن العامل السوري يعمل لساعات عمل أكثر من العامل اللبناني وبأجرٍ أقل, لذلك لا مشكلة لديهما باستغلال اليد العاملة السورية واستعبادها.

فكان الرد على هذه القرارات وغيرها من الممارسات العنصرية اتجاه اللاجئين السوريين, من خلال فيديو مصوّر لأفراد ينتقدون حجج اللبنانيين الذين يحمّلون النازحين سوء أحوالهم وعجز الدولة اللبنانية في إعطاءهم أدنى حقوقهم, ومن خلال صفحة "الحملة الداعمة للسوريين بوجه العنصرية", التي أنشأها عدد من الناشطات والناشطين اللبنانيين في موقع "فايسبوك", في الحادي والعشرين من آذار الماضي أي في اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري. وعبّروا من خلال هذه الصفحة التي تضمنت صوراً لهم, يحملون فيها لافتات تضامنية مع اللاجئين السوريين, والتي حصدت حوالي الـ 12 ألف معجب بفترة ما يقارب الشهرين, عن رفضهم "لكل محاولات التضييق والعنف التي تطال السوريين, ولكل الخطابات السياسيّة العنصريّة وما يرافقها من تحريض إعلامي", كما جاء في تعريفها.

وقد تلا هذه الأحداث, قرارات عنصرية أخرى, بحق الفلسطينيين اللاجئين من سوريا, حيث قام الأمن العام في الأول من هذا الشهر, بترحيل 41 فلسطينياً من حملة جوازات السفر السورية وإجبارهم على العودة إلى سوريا "لارتكابهم فعلاً جرمياً لحيازتهم أوراق سفر مزورة" كما أشار وزير الداخلية والبلديات, نهاد المشنوق. ولكن رغم حملهم وثائق مزورة, قرار الترحيل هذا يخالف المادة 33 من الإتفاقيّة الدوليّة الخاصّة بوضع اللاجئين, والتي تنصّ على أنّه "لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئاً أو تردّه بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها". ووضع المشنوق معايير تنظّم عملية دخول الفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان, "تفادياً لعدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تؤثر على الوضع الأمني في لبنان، وعلى علاقة لبنان مع دول عربية عدة".

ولكنه لم يكتفي الوزير المشنوق بهذه القرارات, ليضيف عليها قراره الأخير بمنع النازحين السوريين, من "القيام بأيّ تجمّعات سياسية، وعدم القيام بأيّ لقاء علني, له أبعاد سياسية قد يؤثّر بأي شكل من الأشكال على الأمن والاستقرار في لبنان".

ولأن هذه الإجراءات وغيرها من التي لم يتم ذكرها, لن تكون الأخيرة, دعا "المنتدى الإشتراكي" وهو تجمّع للماركسيين الثوريين في لبنان, إلى اعتصام يوم الإثنين في التاسع من حزيران المقبل, الساعة السادسة مساءً أمام المتحف الوطني في بيروت, تضامناً مع اللاجئين واللاجئات في لبنان, ومن أجل "مواجهة العنصرية ومحاولات السلطة اللبنانية المتكررة لتأليب الناس بعضهم على بعض, اكان على اساس طائفي او اثني او جنسي, او غير ذلك, لا يمكن أن تتم إلا من خلال بناء أوسع حالات التضامن الممكنة ما بين اللبنانيين والسوريين، والفلسطينيين, وجميع السكان الى أي هوية انتموا, وليس من منطلق انساني او إغاثي وحسب, بل على أساس التضامن السياسي والنضالي, لأن معركة التغيير في لبنان, لا يمكن ان تحدث بمعزل عن معركة التغيير في سوريا, والعكس صحيح", كما جاء في بيان التحرّك الذي نشر في الدعوة على صفحة "المنتدى" الخاصة في موقع "فايسبوك".


وأضاف البيان: "نقول لكل لاجئ, في هذا الوطن الضيِّق, ولكن الفسيح, في آنٍ معاً: لبنان بيتكم, كما سوريا هي بيتنا, والعراق وفلسطين ومصر, وجميع بقاع هذه الارض. كلنا أولاد لأوطان سُلبت منّا, إما عبر الإحتلال الأجنبي او الإحتلال المحلي, و لقد حان الوقت لنسترجع أحلامنا, وحرياتنا, وننتزع العدالة والمساواة ممن يريدوننا وقوداً لكراهيتهم وأحقادهم, فلتسقط العنصرية, ولتسقط الانظمة, وعاشت الشعوب الثائرة".

رابط صفحة الدعوة إلى الإعتصام: https://www.facebook.com/events/1619222788303911/?ref=22