لحق الظلم الكبير بالرئيس ميشال سليمان خلال هذه السنوات الست التي مكث فيها في قصر بعبدا، فهو حكم ولم يحكم ، نظرا لفقدان موقعه القوة الدستورية التي تخوله اجتراح المعجزات ، واستطاعت قوى الامر الواقع التي تملك سلطة السلاح من تحويل هذا الموقع ، الى كرة يتجاذبها بازار الصراعات السياسية و أهواء الذين يريدون أخذ البلاد الى مساحات النزاع الاقليمي والدولي . ودع الرئيس سليمان الوزراء خلال مأدبة العشاء التي أقامها مساء امس في القصر الجمهوري ، وهو سيحزم آخر حقائبه اليوم مغادرا وهو مرتاح البال ، وحريصا على سكب آخر جرعة في واحة الممارسة الديموقراطية "الطوعية" (كما يوصفها) ، في الوقت الذي لم توفر أية جهة او طرف سياسي في طول هذي البلاد وعرضها، أية نقطة من مائها الوسخ الا ولوثتها فيه . شبح الشغور الذي يقود الى هول الفراغ؟؟ .. لا فرق بالنسبة لنا نحن اللبنانييون الذين بتنا نستهوي ارتداء "جلد التماسيح" ، والسؤال الذي تضج به الصفحات و الألسنة : ماذا بعد ٢٥ ايار ؟؟ .. لا يحرك شيئا في المشهد الهادئ والامور المستتبة ، وخصوصا بعد ما صارت سلسلة الرتب و الرواتب في خبر كان ، وأرغم النقابيون والموظفون والعمال على الانكفاء . فالذين يهندسون خفية واقع حال البلاد ، يعرفون جيدا ماذا يفعلون - فقط لا يحضرون الى قاعة المجلس النيابي لتامين نصاب جلسة انتخاب الرئيس - والساعات المعدودة التي تفصلنا عن منتصف هذه الليلة ، سوف لن تحظى بالتأكيد بمفاجأة اللحظة الاخيرة ، ولن ينفع إصرار الرئيس نبيه بري على إبقاء جلسات البرلمان مفتوحة ، ولا امتعاض البطريرك الماروني من نكوث البعض بتوقيعاتهم على وثائق في بكركي بعدم تعطيل النصاب ، ولا خطوة الحزن الرمزية التي قررها نواب قوى ١٤ اذار في مجلس النواب بعد ظهر اليوم . اهلا بفخامة المجهول .. ويا ليته فخامة الفراغ وحسب ، فبعد رئاسة "بعبدا" يأتي دور حكومة " "السراي " التي يستعد وزراء التيار العوني الى مقاطعتها بذريعة شغور موقع الرئاسة الاولى .. ولا عجب في ذلك .. فعادة "قتل القتيل والسير في جنازته" اصبحت من عدة الشغل اليومية لدى البعض من هذه الطبقة السياسية الحاكمة ، واذا اردنا ان نكمل "نقلنا بزعرورنا " ، ننتظر لنرى ماذا سيحل بالجلسة التشريعية في السابع والعشرين من الجاري المخصصة لاستكمال البحث في سلسلة الرتب ، والتي يعتزم النواب المسيحيون في قوى ١٤ آذار مقاطعتها كونها مخالفة للدستور . واقع مفتوح على نوافذ مسدودة ، اللهم اذا نجحت "سيبة" الجنرال ميشال عون الثلاثية التي تضمه والرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله في إنقاذ البلاد كما يتأمل الجنرال ، او أتى الترياق من الخارج ، وهو المحظور الذي يبدو انه لا مفر منه .