يحتفل لبنان غدا بعيد التحرير الرابع عشر، حيث يطل الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، من بنت جبيل الخامسة والنصف من عصر الغد، ليعيد التذكير بهذه اللحظة التاريخية التي شهدت انسحاب العدو الصهيوني من الجنوب اللبناني من دون أية مساومات او اتفاقات، في مشهد هو الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
لكن كيف يقيّم المسؤولون في الحزب حاضر المقاومة ومستقبلها بعد 14عاما من التحرير، وبعد ثماني سنوات من الانسحاب السوري من لبنان وصولا الى مشاركة الحزب في الأزمة السورية؟
يعتبر قيادي في «حزب الله» ان دور الحزب شهد تطورا مهما، داخليا وخارجيا، بحيث صار الحزب قوة اقليمية يحسب لها الحساب من قبل الأصدقاء والاعداء. ويشير الى ان مشاركة الحزب في القتال في سوريا كان دفاعا عن مشروع المقاومة وخطوط الامداد ومراكز الدعم التي كانت تؤمن له الامكانيات المختلفة، وان هذه المشاركة أعطت الحزب قدرات عسكرية وقتالية غير تقليدية، ما جعل العدو الصهيوني يحسب لذلك الف حساب. وبرغم الانتقادات التي تعرض لها الحزب بسبب هذه المشاركة، فقد اثبتت الاحداث يوما بعد يوم، ان هذه المشاركة كانت ضرورية لحماية لبنان والمقاومة والمنطقة من المشاريع الخطيرة التي كانت تعد لها بعد اسقاط النظام السوري، ولذلك تراجعت الانتقادات واصبحت المشاركة تحظى بدعم داخلي وخارجي، وتحولت مواجهة المجموعات التكفيرية والارهابية الى قضية عربية واسلامية ولبنانية ودولية.
واما على الصعيد الداخلي، فيقول القيادي في الحزب إنه برغم انجاز التحرير عام 2000 وانتصار تموز عام 2006، فقد حرص الحزب ان يكون متواضعا في مطالبه الداخلية، وهو لم يطرح ابدا تغيير النظام او الامساك بالسلطة، بل كان كل همه تحقيق المشاركة الصحيحة والكاملة ومنع تفرد الاخرين في الحكم. واما طرح عقد المؤتمر التأسيسي الذي دعا اليه السيد حسن نصر الله قبل حوالي السنة والنصف، فقد كان محاولة لفتح نقاش بهدف تطوير النظام السياسي القائم، وعندما لم يلق التجاوب المطلوب وتم تفسيره بطريقة خاطئة، تم سحبه من التدوال بانتظار نضوج فكرة الحوار الداخلي الحقيقي لتطوير النظام.
ويشير القيادي الى أن قيادة الحزب ومؤسساته الفكرية والبحثية أعدّت العديد من المشاريع والاقتراحات لمعالجة المشاكل القائمة في البلد وتم اعداد 10 دراسات معمّقة حول معظم القضايا الاساسية وكان من المفترض عقد مؤتمر خاص لاطلاقها، لكن لم تتح الظروف لذلك، وادت التطورات الداخلية الى الغرق في معالجة المشاكل الطارئة.
ويؤكّد القيادي أن تركيز «حزب الله» اليوم ينصبّ على حماية الاستقرار الداخلي والتوافق الوطني وتزخيم العمل الحكومي ومواجهة التحديات الامنية، فضلا عن قضيتين مركزيتين اشار اليهما السيد حسن نصرالله في حواره الأخير مع «السفير» لا بل وضعهما في كفة واحدة، وهما مواجهة المخاطر الاسرائيلية والارهاب التكفيري.
وعن دور المقاومة واولوياتها اليوم يقول القيادي «ما زلنا نعتبر ان الاولوية لدينا هي المقاومة، وان الاهتمام بالشأن الداخلي لا يتقدم عن موضوع المقاومة، لان مواجهة العدو الصهيوني لا تزال الاساس في مشروعنا الجهادي والسياسي، خصوصا ان اصلاح النظام السياسي اللبناني يواجه اليوم صعوبات كبيرة وليس هناك فرصة حقيقية لتحقيق هذا الإصلاح في الأمد المنظور. لذلك نحن نركز على دور المقاومة مع السعي لمعالجة هموم الناس ومشاكلها وتحقيق ما يمكن من اصلاح داخلي ومعالجة المشاكل الداخلية».
وحول مستقبل الصراع في سوريا ودور «حزب الله»، يقول القيادي: «لقد حقق النظام في سوريا انجازا كبيرا بزوال مشروع إسقاطه، ولذلك لم يعد في دائرة الخطر، لكن برغم ذلك، الأزمة السورية طويلة، وسيستمر الصراع طالما لا يوجد قرار دولي وإقليمي بوقف هذا الصراع وطالما لم تقتنع الأطراف الأساسية بعدم جدوى الخيار العسكري. نحن سنبقى في سوريا طالما اقتضت الضرورة. ولقد حققنا انجازات سيكون لها تداعيات مهمة خصوصا على مستوى الصراع مع العدو».
يختم القيادي في «حزب الله»: «خياراتنا ومواقفنا أكدت صوابيتها. ونحن مستمرون في جهادنا ونضالنا، ولن نتراجع عن مواقفنا. وسنظل نعمل لقيام الدولة القوية والعادلة، وسنساهم في حماية الوطن. وستثبت الأيام المقبلة صحة خياراتنا».