يقول مسؤول برلماني سابق إن القيادات اللبنانية إذا لم تتوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية لمنع حصول شغور في منصب الرئاسة الأولى، فإن عليها أن تعمل على ملئه ليس بفراغ يصبح شاملاً إنما بجعل الحكومة التي نجحت حتى الآن في انجاز ما لم تنجزه الحكومة السابقة قادرة على تحويل سلبيات الفراغ الى ايجابيات وذلك بتحقيق الآتي:
أولاً: مواصلة الاهتمام بتثبيت الاستقرار الأمني في البلاد لأنه السبيل إلى الاستقرار الاقتصادي وتوفير أسباب النجاح لموسم السياحة والاصطياف، إذ عندما تولي الحكومة أولويات الناس اهتمامها، فلا يعود الشغور الرئاسي شغلهم الشاغل، لأن همهم هو الشعور بالأمن والأمان والاستقرار العام. فإذا تمكنت الحكومة من تحقيق ذلك تكون قد نجحت في سدّ الشغور وممارسة الصلاحيات الرئاسية المنتقلة إليها ممارسة إيجابية.
ثانياً: أن تعكف الحكومة، وهي تمثل غالبية القوى السياسية الأساسية في البلاد، على درس مشروع قانون جديد للانتخابات وبالسرعة اللازمة توصلاً إلى اجراء انتخابات نيابية في موعدها الجديد وتفادياً لتمديد آخر لمجلس النواب أو مواجهة خطر فراغ تشريعي إذا لم يتمّ هذا التمديد. فتوصل الحكومة إلى وضع مشروع قانون جديد تجرى انتخابات نيابية على أساسه يكون أهم إنجاز لها، إذ لا سبيل إلى إعادة تكوين السلطة إلا انطلاقاً من انتخابات ينبثق منها مجلس نيابي يمثل تمثيلاً صحيحاً شتى فئات الشعب وأجياله. وهذا المجلس هو الذي ينتخب رئيساً للجمهورية لا شائبة في انتخابه لأنه يتم من خلال نواب يمثلون إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً وعلى أساس قانون يجسد هذه الارادة ولا يكون انتخابه من مجلس نيابي ممدد له وانبثق من قانون مرفوض من الجميع.
ثالثاً: أن تضع الحكومة استراتيجية دفاعية تحلّ بها مشكلة السلاح خارج الدولة، بحيث لا يبقى عائقاً دون قيام الدولة القويّة القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها ولا تكون سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها.
رابعاً: أن تصبح اللامركزية الادارية، التي صار الاتفاق عليها، جاهزة للتطبيق مع قيام العهد الجديد لأنها السبيل إلى وضع حد للخلافات على التعيينات وتقديم الخدمات وإنهاء الصراع على السلطة المركزية، وهي التي توجد تنافساً إيجابياً على تحسين المناطق وإنعاشها بتنفيذ المشاريع الانمائية التي تحتاج إليها في نطاق لامركزية تعرف ما تحتاج إليها المنطقة ويتحمل السكان مسؤولية اختيار القيادات فيها. ونجاح تطبيق اللامركزية في تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والانماء يجعل سياسة الحياد عن صراعات المحاور العربية والاقليمية والدولية هي السياسة التي يؤمن بها جميع اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم، ويتحول اهتمامهم نحو النمو والازدهار، وينصرفون عن مشاغل السياسة ومشاكلها وما تسببه من خلافات وانقسامات إلى ما يرفع مستوى معيشة اللبنانيين، ويجعل لبنان مركزاً لاستقطاب الرساميل وتوظيفها في مشاريع شتى تخلق فرص عمل وتقضي على البطالة.
الواقع أن الحكومة إذا نجحت في تحقيق كل ذلك، فإنها تكون قد حولت سلبيات الفراغ الرئاسي إلى ايجابيات، وشقت الطريق لقيام عهد جديد بعد أن تكون قد أزالت كل العوائق التي تحول دون العبور إلى الدولة القوية القادرة والعادلة ورؤية رئيس جديد لجمهورية جديدة قويّة. وما عدا ذلك فإن لبنان يسير نحو المجهول إذا حصل فراغ رئاسي وعقبه فراغ مجلسي إذا لم تجر انتخابات نيابية في موعدها، أو رفض التمديد مرّة أخرى لمجلس النواب، وإذا عادت الخلافات بين اعضاء الحكومة مع انتهاء فترة التعايش، فإنها تنفجر من الداخل وعندها يكون الفراغ الشامل في كل السلطات، وشلل في كل المؤسسات، ويصبح السؤال المطروح: لبنان إلى أين لأن اللبنانيين اختلفوا على أي لبنان يريدون؟ فهل نجد بطلاً ينقذ الجمهورية من قادة "الجنس العاطل"؟!