مروى علّيق
لم تحظَ جريدة "الأخبار" بحصد تضامن الكثيرين من الصحافيين والإعلاميين عبر ما سعت إليه من خلال دورها في مسرحية "الحريات الإعلامية" إلى جانب تلفزيون "الجديد" بوجه المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان في لاهاي. وذلك بسبب لعبها الدور الأبرز في قمع وتخوين وتهديد كل من يختلف مع سياستها, فإن كل مختلف عدو يجب أن يتحسس رقبته كما كتب رئيس تحرير "الأخبار" ابراهيم الأمين يوماً طالباً من بعض الصحافيين أن يتحسّسوا رقابهم. وأبرز ما قامت به الصحيفة مؤخراً هو التحريض على الصحافية ومديرة موقع “ناو ليبانون” بشقّه الإنكليزي, الصحافية حنين غدّار.
كالعادة استخدمت "الأخبار" تكتيكها المتعارف عليه وهو وضع الأقلام المناهضة لحزب الله والنظام السوري بوجه القضية الفلسطينية كحجة للتخوين والإهانة. والأمثلة على ذلك كثيرة, من بينها ما حصل مع الصحافية حنين غدّار المعروفة بمواقفها السياسيّة المختلفة عن مواقف الصحيفة. فتم تخوينها في الأخيرة بمقال تحت عنوان: "صحافية لبنانية تنافس باراك في واشنطن". حيث أصدرت "الأخبار" حكماً بحق غدّار, التي كانت قد شاركت في مؤتمر "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" الأسبوع الماضي تحت عنوان "تحدّيات أميركا الأساسية في الشرق الأوسط" لمناقشة ملفّ حزب الله في لبنان وحربه في سوريا, بحجة مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك في المؤتمر عينه.
ولكن الحقيقة هي كما أوضحت غدّار في بيان لها في "ناو" أنّه وعملاً بالقوانين اللبنانية المرعية الإجراء اشترطت على منظمي الندوات في المعهد عدم وجودها خلال أي ندوة يشارك أو يوجد فيها إسرائيلي بأي صفة كان. وهو ما تم الوفاء والإلتزام به من منظّمي الندوات في المعهد. وأضافت: "إنّ وطنيتي لا تتحدد وفق رغبات الخط السياسي لوسائل الإعلام المشار إليها أعلاه، والتي هي من تحتاج إلى فحوص دم في الوطنية بسبب ما تحمله بعض كتاباتها من مضامين تخوينية وتهديدية كالتي طاولتني وغيري من الزملاء".
وأشارت غدّار إلى أن ما قالته في الندوة لم يتجاوز ما تكتبه بإسمها الواضح والصريح في الكثير من مقالاتها، وهو أمر يتيحه لها القانون اللبناني، إلا إذا كان المطلوب منها أن تكون بلسانين. وعن ما اتهمتها به جريدة "الأخبار" بأن ما قالته في الندوة هو مجرد "امتداد منطقي لموقف إسرائيليٍّ ما، أو تبريرٍ لسياسات إسرائيلية" بتجاوزها موضوع الندوة، وهو عن سوريا، لتتكلم عن حزب الله، قالت غدّار: "إنّ حزب الله هو من تجاوز الحدود اللبنانية وتوجّه الى سورية من دون أن يستأذن أحداً، وصار من الصعب الحديث عن سورية من دون الحديث عنه. أما إذا كان حزب الله يعتقد، أو أنه متفاجئ بأن أكثر من نصف اللبنانيين غير موافقين على دوره ووظيفته، فهذه مشكلة أخرى".
من سخرية القدر أن يُعطي من رثى القاتل أسامة بن لادن ووصفه بوردةٍ على شاطئ العرب, ومن يستمرّ بدفاعه الأرعن عن أنظمة ديكتاتورية قاتلة استخدمت مختلف الوسائل الهمجية لقمع شعوبها, ومن شمت باغتيال الصحافيْين سمير قصير وجبران تويني, ومن تناسى تحالف "المقاومة" مع "أبو علي" حبيقة المتورّط بمجزرة صبرا وشاتيلا ومن لم يتطرّق إلى عمالة فايز كرم وغيره من عملاء الثامن من آذار وحزب الله, دروساً في حماية الحريات الإعلامية ودروساً في الوطنية لكتّاب وصحافيين لطالما كانت أقلامهم الحرّة تتكلّم بألسنة شعوب دفعت أثماناً جسدية ومعنوية فقط لأنها انتفضت على جلّاديها.