البرقية الجديدة التي كشفتها ويكيلكس حديثا والمصنفة "سرية " وموضوعها أجواء لقاء تم بين الرئيس السابق امين الجميل والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ،حيث يستفيض السيد بالحديث في هذا اللقاء عن سعد الحريري وفؤاد السنيورة حتى ان الرئيس الجميل فوجئ بمقدار الكراهية التي يكنها السيد لهما وللسفير الأميركي في بيروت حينها جفري فيلتمان، فهذا وان لم يعتبر من حيث المبدأ من الاسرار لان وسائل اعلام الحزب كانت تنقل بامانة ووضوح الصورة الحقيقية لما يكنه السيد من مشاعر،
وتعممها على كل الجمهور وقد نجحت الى حد كبير بجعله شعورا عاما عند كل قواعد الحزب ومن يدور في فلكهم ، الا ان الملفت بمضامين هذه البرقية هو ما جاء من توصيف على لسان السيد لرجال مخابرات النظام السوري ونعتهم على انهم " بدون اخلاق ، ويسعون وراء النساء والمال فقط" ،
وان كان الرئيس الجميل تفاجأ هنا أيضا ( كما تقول البرقية )، الا ان العارفون بحزب الله وبشخص امينه العام يعرفون تماما ان هذا هو التقييم الحقيقي ، وبان ما جاء بنص البرقية هو التعبير الدقيق والصحيح ،
ويجزمون بأن في الدوائر الضيقة للحزب طالما اطلق على نظام الأسد ومخابراته نعوت اكبر من ذلك بكثير، ولطالما وصف هذا النظام " بالعدو الذي لا يمكن ان يقاتل" وتبرير ذلك لا يحتاج الى دليل او الى برهان فيكفي استرجاع ذاكرة تضج بالمعاناة والمآسي التي جرّها هذا النظام على الحزب، ليس اقلها مجزرة فتح الله ، او مذبحة جسر المطار ،، وصولا الى حرب الاخوة في إقليم التفاح وغيرها،
وهؤلاء العارفون بشخصية نصرالله يؤكدون ان سماحة السيد في جلساته ولقاءاته الخاصة انما يعبّر عن حقيقة مشاعره ومكنونات ما يفكر فيه بكل صدق وشفافية بدون التستر خلف التورية
وبغض النظر عن الاعتبارات البروتوكولية ، وعليه فان الكشف عن هذه البرقية وان كانت لا تحمل جديدا الا انها تؤكد مرة أخرى ما هو مؤكد، بان خيار مشاركة حزب الله بالقتال الى جانب نظام الأسد لم يكن نتاج قناعة ذاتية ولا هي بخلفية الاعتقاد بصوابية وبرآءة هذا النظام المستبد وفتكه ، فاذا ما كانت هذه البرقية يمكن ان تحمل أي من المداليل، فهو مدلول واحد فقط يجعلنا نجزم بان تورط حزب الله بدم الشعب السوري خلافا لكل معتقداته هو قرار إيراني محض ، وبأن لا قيمة عملية ولا مكان لما يعرفه ويريده سماحة الأمين العام عندما تقرر سلطة ولاية الفقيه.