سيكون امرا مؤسفا بالنسبة الى بكركي خصوصا ان تمر المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون القدرة على حمل الافرقاء المسيحيين على التنازل من اجل العمل على ايصال رئيس وعدم ترك الموقع الماروني الاول للشغور. فما يعبر عنه البطريرك الماروني بقوة واصرار على هذا الصعيد وصولا كما قيل الى خيار يائس في البحث في امكان التمديد للرئيس ميشال سليمان ولو في اللحظة الاخيرة او كما يقول البعض، الاجتهاد في البحث حول امكان تأمين استمرارية الرئيس الحالي في الموقع حتى انتخاب رئيس جديد، كما هي الحال بالنسبة الى الحكومة مثلا التي تصرّف الاعمال في انتظار تأليف اخرى جديدة. وهو امر غير محتمل وغير ممكن دستوريا، من شأنه ان يوجه ضربة معنوية قوية لكنيسة تعمل على انقاذ ما تبقى من هيبة للمسيحيين وقدرتهم على انجاز ما يريدون من خلال ايصال مرشحهم الى الرئاسة الاولى وترفع الصوت في كل الاتجاهات من اجل حض الافرقاء اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد وخصوصا في خلال مؤشرات فرصة اقليمية ومحلية اتيحت من اجل ان يقول اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا كلمتهم الحاسمة في هذا الاستحقاق من دون القدرة على ترجمتها على ارض الواقع . فقبل 15 يوما على انتهاء ولاية الرئيس سليمان، يبدو انه قد تبلورت مجموعة عناصر لم يعد في الامكان تجاهلها، ولو انها تبقى غير معلنة او لا يجاهر بها كثر في اطار التجاذب وشد الحبال الجاري او في انتظار بلورة الافق الذي يسمح بحصول الانتخاب، وهو غير متوافر حتى الآن. في مقدم هذه العناصر:
- على رغم عدم اكتمال النصاب البرلماني لجلسات انتخاب الرئيس العتيد وعدم تقديم اي شخصية سياسية ترشحها كما فعل الدكتور سمير جعجع او تقديم اي فريق سياسي مرشحه للرئاسة كما فعل الحزب التقدمي الاشتراكي بترشيح النائب هنري حلو، فان ما تشي به كل المعطيات غير المعلنة ان لا فرصة لاي من المرشحين الاربعة الاساسيين الذين اجتمعوا في بكركي واتفقوا على مجموعة بنود لم يلتزمها بعضهم. فمع ان بعض زوار العماد عون ينقلون عنه ثقته الكاملة بان حظوظه مرتفعة وانه واصل لا محالة الى قصر بعبدا، فان واقع التطورات اليومية يثبت عدم صحة هذه التوقعات في ظل تطور تدريجي يكاد يكون معلنا ومعروفا عن تراجع فرصه. والحركة النشطة التي يقوم بها وزير الخارجية جبران باسيل من اجل محاولة تسويق العماد عون لدى بعض الدول المؤثرة في الخارج تشغل الصالونات السياسية لجهة كشفها ان الرئاسة ليست في جيب الجنرال كما يروج فريقه ولا يزال هناك بون شاسع يتعين ردمه للوصول اليها فضلا عن انه لو صح ان الحوار مع الرئيس سعد الحريري سلك بعيدا على هذا الصعيد لما كانت الحاجة الى هذا الجهد الخارجي من اجل محاولة التأثير في الداخل. لكن ما يراه الآخرون من تعقيدات لم تصل اصداؤه الى الرابية بعد وحتى الى مواقع مرشحين اساسيين آخرين او ان في استمرار الآمال والرهانات يشكل بعضا من محاولات حجز موقع من اجل حصد الاثمان السياسية قبل التنازل او التراجع حين يحين الوقت الحقيقي للانتخاب.
- هل ينتظر افرقاء معينون انقضاء المهلة الدستورية من اجل ان يلغي انتهاؤها فرص مرشحين معينين يعتقد ان حظوظهم ستتراجع او تنتفي بعد ذلك ؟ هذا الامر يبدو الاكثر ترجيحا في سياق الاعتقاد انه ما قبل هذه المهلة ليس كما ما بعدها بحيث ان احتمال تأجيل الانتخابات لأشهر وربما حتى الخريف المقبل سيفسح المجال امام مرشحين آخرين على قاعدة تبريد بعض الرؤوس الحامية او تراجع حظوظ بعض المرشحين خصوصا مرشحي الافرقاء السياسيين على نحو مباشر من اجل الافساح في المجال امام مرشح تسوية او وفاق كما يقال. ذلك علما انه فيما تتركز الانظار على المرشحين الرئيسيين، فان اللقاءات والاتصالات بعيدا من الاضواء ساهمت في جوجلة مجموعة اسماء لمرشحين محتملين او ترددت اسماؤهم في وسائل الاعلام او طرحها بعض الاوساط من اجل ان يتبين ان ثمة فيتوات على بعضهم من افرقاء على احتمال وصولهم الى الرئاسة الاولى، مما قد يجعل صعبا احتمال ابقائهم في السباق الرئاسي في المرحلة المقبلة.
- ان ترحيل الانتخابات الرئاسية أشهراً بعد انتهاء المهلة سيفسح امام دخول اطراف خارجيين بقوة اكبر، اما من اجل جمع الافرقاء وتأمين توافقهم على مرشح وفاقي، او انزاله عليهم نتيجة توافقات خارجية، بما قد يلغي المبادرة الداخلية من اي تأثير اللهم باستثناء احتمال تأثيرها لجهة ترجيح احد الاسماء المطروحة والتي تزداد مروحتهم اتساعا مع الوقت بعد استبعاد مجموعة من الاسماء التي تم تداولها في وقت سابق.
- هل سيكون، او ينتظر ان يكون، للرئيس السوري بشار الاسد بعد تثبيت استمراره في موقعه كلمة في الرئيس المقبل ؟ ثمة رهانات من بعض الافرقاء على ذلك على رغم ان ملائكة النظام حاضرة في لبنان الذين يعملون كما يتردد على الحؤول دون وصول رئيس مماثل للرئيس سليمان الذي تحرر من بعض الالتزامات في العامين الاخيرين ورفع سقف دفاعه عن السيادة اللبنانية فاعتبر النظام وحلفاؤه في لبنان انه طعنهم في الظهر ولا يودون تكرار هذه التجربة. وهناك من المرشحين من يواجهون محاولات استبعادهم تحت وطأة عدم امكان موافقة النظام او قبوله بهم.