ليس الأول ولا يبدو بأنه الأخير، نعم إنه واحدٌ من الآلاف الذين قضوا في السجون السورية تحت التعذيب بعد تعرضهم لأقسى وأشد أنواع التعذيب، وفي أماكن يجهلها أهالي الضحايا في معظم الحالات.
ففي السجون السورية تتشابه أساليب التعذيب مع وجود فوارق بسيطة في آلية التنفيذ، والتهم الموجهة للمعتقلين، في السجون السورية تختمر أنفاس الضحية بدمائها، وتحاكي عوالم البرزخ ولكن بفرق بسيط هو أنه في عالم البرزخ تتم محاسبة الإنسان على أخطاءٍ ارتكبها أما في السجون السورية تتم معاقبته دون وجه حق، دون أن يتمكن من الدفاع عن نفسه حتى بالكلمة، فالجلاد لا يفقه لغة الحوار، وهو عبد مأمور ينفذ الأوامر، ومستعد لقتل الضحية والتنكيل بها في سبيل أرضاء أسياده الصامدين على كراسيهم العائمة على دماء الأبرياء.
فإن الشهيد عبد الرحمن كانت قصّته كمعظم الاعتقالات السورية التي تبدأ فصولها بالاستدعاء الأمني بعد منتصف الليل وتنتهي بالموت البطيئ، ولعلّ ما تعرّض له عبد الرحمن هو من أبشع الانتهاكات التي تمارس بحق الإنسان وكرامته وجسده وعقله, وفيما يلي معلومات وتواريخ حصل عليها موقع لبنان الجديد توثّق استشهاد عبد الرحمن في السجون السورية:
"الاسم : عبد الرحمن بن محي الدين عوض ـ ، من مواليد : 1968 ، منطقة الولادة : دمشق. متأهّل ولديه ثلاثة أبناء : يعمل سائق، وكانت حالته الصحيّة سليمة قبل أن يتم اعتقاله من الحدود السورية اللبنانية بتاريخ 8 ـ 12 ـ 2013، حيث كان سفره مع أخته لزيارة طبيب مختص بأمراض (الظهر ـ الديسك)، وأكدت عائلتُه بأنه تم اعتقاله لصالح إدارة أمن الدولة في (كفر سوسة) حسب ما أفاد عدة أشخاص وأخبرهم معتقلون سابقون، ثمّ تم نقله إلى سجن عدرا بتاريخ 1 ـ 3 ـ 2014. ومن بعدها تمكّن أهله من زيارته للمرّة الأولى بتاريخ 3-3-2014 وقد أشارت والدته عن نقص ما يقارب (50 كغ) من وزنه وأخبرها عن تعرَّضه لشتّى أنواع التعذيب في الفرع ومنها الاغتصاب، حتى بات لا يستطيع النوم من مخاوف تراوده في كل الأوقات حيث لا يعرف من أين تأتيه الضربة ومن يد من ولا يعرف لها وقتاً محدّداً، وتم نقله إلى المشفى بتاريخ 27-4-2014 بعد أن ساءت حالته الصحيّة وبات أقرب إلى الموت من الحياة، وبتاريخ 30 ـ 4 ـ 2014 أعلنت المشفى وفاته بسبب التهاب كبد فيروسي أدى إلى تلف في تلافيف الدماغ."
كانت هذه قصة أحد الأشخاص الذين بقوا في المعتقل لأقل من خمسة أشهر، فكيف لغيره من المعتقلين الذين بقوا في السجون لسنوات عديدة أو ما زالوا معتقلين وينتظرون رصاصة الرحمة من جلّاد يتلذّذ بالتعذيب واستباحة كرامة إنسانٍ على الأغلب كان كلّ ذنبه أنّه خالفه الرأي واسترق النظر إلى الحريّة...!!!
نهلا ناصر الدين