هو الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الانصاري بن امرئ القيس بن عمرو بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الشاعر المشهور. يكنى بابي محمد، ويقال كنيته أبو رواحة، ويقال أبو عمرو.
و اما أمه فهي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة الخزرجي
شهد الاسلام فاسلم وحسن اسلامه صحابي جليل كان يكتب الشعر ويقوله في الجاهلية فهو من الشعراء العرب
المخضرمين .
شهد العقبة نقيباً عن أهله و آخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بينه وبين القائد المقداد بن عمرو
شارك في معركة بدر وكان أول من خرج للمبارزه مع اثنين من الأنصار للقتال الا ان عتبة بن ربيعة ابى إلا أن يكون النزال مع قريش فخرج حمزه ورفاقه- علي وعبيده بن الحارث،
أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة المنورة ليبشر المسلمين بالنصر، وشهد ما بعدها من المعارك إلى أن استشهد في معركة مؤتة .
قيل انه كان كثير التعبد لله فكان إذا لقي احدا من الرجال من أصحابه يقول له: تعال نؤمن ساعة.
أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليه فقال فيه :
(رحم الله عبد الله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة).
وقال فيه أيضا:
(نعم الرجل عبد الله بن رواحة).
وروي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول: (اجلسوا). وكان خارج المسجد ولم يصل بعد فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته
فقال له:( زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله.) وكان أول رجل خرج إلى الغزو وآخر رجع منه.
كان أحد الشعراء الثلاثة الذين تصدوا للمشركين ودافعوا عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين. ومن شعره في النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
انت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد ازرى به القدر
فثبت الله ما اتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فقال له النبي : (وأنت فثبتك الله يا بن رواحة)
ومن افضل ما مدح به النبي قوله:
لو لم تكن فيه ايات مبينة
كانت بديهته تنبيك بالخبر
قال ابن سيرين كان شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة، وحسان ابن ثابت، وكعب بن مالك.
وقال ايضا : كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وينسبهم إليه، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم.
وقيل ان النبي- صلى الله عليه وسلم – كان يتمثل بشعره؛ فعن عائشة رضي الله عنها ( كان يتمثل النبي- صلى الله عليه وسلم -بشعر عبد الله بن رواحة)
وربما قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رفرام اليهودي بخيبر فقتله، وبعث بعد فتح خيبر فخرص عليهم. ومن فضائله ما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال:( نعم الرجل عبد الله بن رواحة ).
وقيل عنه في الزهد لعبد الله بن المبارك بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى :
قال: تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فسألها عن صنيعه.
فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك
قالوا: وكان عبد الله أول خارج إلى الغزو وآخر قافل.
وذكر ابن سعد بسنده عن هشام عن أبيه قال:
لما نزلت :{وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} سورة الشعراء الاية\224.
قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم فأنزل الله:
{إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}
سورة الشعراء الآية\ 227
وعن مدرك بن عمارة قال:
قال عبد الله بن رواحة: مررت في مسجد الرسول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وعنده أناس من الصحابة في ناحية منه فلما رأوني قالوا: يا عبد الله بن رواحة، فجئت.
فقال: (اجلس هاهنا)
فجلست بين يديه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( كيف تقول الشعر؟)
قلت: أنظر في ذلك ثم أقول،
قال: (فعليك بالمشركين ).
فقال ابن رواحة ولم أكن هيأت شيئاً فنظرت ثم أنشدته، فذكر الأبيات فيها:
قال فأقبل بوجهه متبسماً
وقال: ( وإياك فثبتك الله ) .
وأخرج أبو يعلى بسند حسن عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة بين يديه، وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيـله
اليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عـن خليـله
فقال عمر : يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -تقول هذا الشعر؟
فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ( خل عنه يا عمر فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل) .
وهو أحد شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال ابن سيرين كان شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة، وحسان ابن ثابت، وكعب بن مالك. عبد الله بن رواحة كان أحد أمراء الجهاد في مؤتة،
وفي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم وكان امراء هذه المعركة كما امرالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ( زيد ثم جعفر الطيار ثم عبالله بن رواحة فإن استشهدوا فليرتضي المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم. ولما أرادوا الخروج بكى عبد اللهبن رواحة
فقالوا: ما يبكيك يا بن رواحة؟
فقال: أما والله مابي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ :
(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضيا *ً)
سورة مريم الاية\ 71
فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟)
فقال المسلمون: (صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم)
فأجابهم عبد الله مبيناً تطلعه إلى الشهادة:
لكنني اسال الرحمن مغفرة
به ذات فرع يقذف الزبدا
اوطعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا
حتى يقولوا اذا مروا على جدثي
ارشده الله من غاز وقد رشدا
ثم ساروا حتى اذا بلغوا بادية الشام علموا بأن جيش الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف. فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا الخبر إلى رسول الله ليعلموه فوقف عبد الله بن رواحة مشجعا وحاثا على الجهاد. وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول:
اذا ادنيتني وحملت رحلي
مسيرة اربع بعد الحساء
فشانك فانعمي وخلاك ذم
ولا ارجع الى اهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني
بارض الشام مشهور الثواء
فبكى زيد، فضربه عبد الله بن رواحة بالدرة قائلا:
(ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت)
ولما حمي وطيس القتال واستشهد زيد وجعفربن ابي طالب ( الطيار ) فحمل الراية
عبد الله بن رواحة وهو يقول مرتجزا :
يانفس الا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
ان تفعلي فعلهما هديت
وان تاخرت فقد شقيت
.فلما قتلا قيل كره ابن رواحة الإقدام والقيادة فقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعة أو لا لتكـرهنــه
فطالمأ قد كنت مطمئنة
ما لي أراك تكرهين الجنة
أي ان فمه بقي مقاتلا حتى قتل
استشهد عبد الله ابن رواحة يوم معركة مؤتة.
ومن روائع قصيده هذه الابيات:
أَشاقَتكَ لَيلى في الخَليطِ المُجانِبِ
نَعَم فَرَشاشُ الدَمعِ في الصَدرِ غالِبي
بَكى إِثرَ مَن شَطَّت نَواهُ وَلَم يَقِف
لِحاجَةِ مَحزونٍ شَكا الحُبَّ ناصِبِ
لَدُن غُدوَةٍ حَتّى إِذا الشَمسُ عارَضَت
وراحَ لَهُ مِن هَمِّهِ كُلُّ عازِبِ
تَبَيَّن فَإِنَّ الحُبَّ يَعلَقُ مُدبِراً
قَديماً إِذا ما خُلَّةٌ لَم تُصاقِبِ
كَسَوتُ قُتودي عِرمِساً فَنَصَأتُها
تَخُبُّ عَلى مُستَهلِكاتٍ لَواحِبِ
تُباري مَطايا تَتَّقي بِعُيونِها
مَخافَةَ وَقعِ السَوطِ خوصَ الحَواجِبِ
إِذا غُيِّرَت أَحسابُ قَومٍ وَجَدتَنا
ذَوي نائِلٍ فيها كِرامَ المَضارِبِ
نُحامي عَلى أَحسابِنا بِتِلادِنا
لِمُفتَقِرٍ أَو سائِلِ الحَقِّ راغِبِ
وَأَعمى هَدَتهُ لِلسَبيلِ حُلومُنا
وَخَصمٍ أَقَمنا بَعدَ ما لَجَّ شاغِبِ
وَمُعتَرَكٍ ضَنكٍ تَرى المَوتَ وَسطَهُ
مَشَينا لَهُ مَشيَ الجِمالِ المَصاعِبِ
بِخُرسٍ تَرى الماذِيَّ فَوقَ جُلودِهِم
وَبيضاً نِقاءً مِثلَ لَونِ الكَواكِبِ
فَهُم جُسُرٌ تَحتَ الدُروعِ كَأَنَّهُم
أُسودٌ مَتى تُنضَ السُيوفُ تُضارِبِ
مَعاقِلُهُم في كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ
مَعَ الصَبرِ مَنسوبُ السُيوفِ القَواضِبِ
فَخَرتُم بِجَمعٍ زارَكُم في دِيارِكُم
تَغَلغَلَ حَتّى دوفِعوا بِالرَواجِبِ
أَباحَ حُصوناً ثُمَّ صَعَّدَ يَبتَغي
مَظِنَّةَ حَيٍّ في قُرَيظَةَ هارِبِ
امير البيـــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية
العراق- ديالى - بلدروز