بغض النظر عن مسرحيّة الأمس وفلكلور الانتخابات الرئاسية في مجلس يضم ممثلين يتقنون أدوارهم جيداً التزاماً منهم بالنصّ المكتوب من قبل كتّاب السناريوهات السياسية من أرباب وأصحاب الطوائف . وبعيداً عن مصالح القوى الأساسية الرافضة لوصول رئيس الى القصر الجمهوري من قماشة الجنرال والحكيم والمؤمنة برئيس يسمع لنصائح وارشادات القوى الفاعلة في الحياة السياسية اللبنانية . وعلى قاعدة الافتراض لا الحقيقة فلو سلمنا بامكانية أن يصل الى بعبدا رئيس من مستوى المرشحين القويين بقدرة الأكثرية النيابية فما هي التغيرات الطارئة على سياسات لبنان ؟ وما يستطيع أن يفعل رئيس هو ممثل لحصّة سياسية لا لدولة ؟ . من المؤكد أن الرئيس القوي الممثل لشريحة طائفية بامكانه تعزيز سطوته وسيطرته داخل طائفته من خلال موقعه الرئاسي وما يتمتع به من خدمات يمكن توظيفها في تقوية نفوذه على حساب نفوذ الآخرين المشركين له في جُبنة الطائفة . بمعنى أن وصول الجنرال أو الحكيم الى الرئاسة من شأنه تعزيز الزعامة الشخصية وكسب ودّ آخرين من أهل المال والساعين الى التنصيب السياسي , ومن شأنه أن يحاصر التيّارات المعارضة له في الوسط المسيحي . اذاً نحن أمام رئيس تعتمل حساباته داخل مجمعه الطائفي ووسطه المسيحي . في حين أن تأثيره على سياسات الحكومة وادارات الدولة مرهونة بالتوافق مع رئيسيّ النواب والحكومة بحكم الصلاحيّات .أيّ مع القوى النافذة في الشارع الاسلامي المتحكمة باللعبة السياسية وبتوازنات المسيحيين عموماً والمارونيين خصوصاً من خلال قانون الانتخابات الذي يتيح للسُنة والشيعة تحديد خياراتهم في المسيحيين . ان يد الرئيس مشلولة أو مغلولة في أحسن أحوالها هذا اذا ما كان فخامته نظيفاً ويسعى الى تنظيف البلاد من الفساد . لقد أوصل المسيحيّون أنفسهم بأيديهم الى هذا المستوى من الحضور السياسي نتيجة لعوامل وعناصر كثيرة , وتبدو الطبقة السياسية المسيحية ومن خلال طليعتها المارونية قدّ أسهمت في هشاشة هذا الحضور لأنها باعت دورها لصالح مصالح تلبي احتياجات زعمائها الشخصية من كلأ وماء وأسهم تشظيها خلافياً وبطريقة شخصية أيضاً الى جعلها أطراف طائعة لطائفتيّ حزب الله والمستقبل .
ان أيّ رئيس ومهما كان كعبه عالياً لن يغيّر شيئًا من طبيعة التوازنات ولا من اتجاهات المواقف داخلياً وخارجياً كلّ ما سيحص عليه لقب يكيد فيه أخصامه في الطائفة وبذلك يكون رئيساً ولكن بلا فخامة بالمعنى الرئاسي السيادي وستبقى الرئاسة الحصرية والفعلية في يدّ من يملك القرار الحقيقي في لبنان.