أظهرت بعض الدراسات والأبحاث والاستطلاعات التي نشرتها مراكز دراسات عالمية أن ظاهرة الإلحاد تنمو وتزداد في العالم في هذه المرحلة وخصوصاً في بعض الدول العربية والإسلامية التي تعلن تطبيقها للشريعة الإسلامية وترعى بعض الاتجاهات المتطرفة (المملكة العربية السعودية) حسبما ذكرت الدراسة ونشرت مقالات عنها في صحف سعودية.
والملفت أن انتشار ظاهرة الإلحاد في العالم العربي والإسلامي وعلى الصعيد العالمي تتزامن مع ازدياد التطرف الديني (الإسلامي والمسيحي واليهودي)، إضافة لازداد الأحزاب العنصرية والقومية المتشددة في العديد من الدول، مما يعني أن التطرف الديني لا يؤدي إلى ازدياد التدين في العالم بل قد يكون سبباً للعودة إلى الإلحاد والوثنية، وذلك بسبب الخوف من ممارسات المتدينين المتطرفين وما يقومون به من أعمال قتل وعنف وحروب ووحشية يدفع الناس للابتعاد عن الدين بدل "العودة إلى الدين" وهي الظاهرة التي انتشرت بعد فشل تجربة الاتحاد السوفياتي والماركسية وانتشار ظاهرة المادية وما بعد الحداثة والفراغ الروحي في الغرب.
إذاً نحن أمام وقائع ومعطيات جديدة ينبغي التوقف عندها، وخصوصاً من قبل العلماء والدعاة ورجال الدين المسلمين والمسيحيين والمهتمين بالفكر الديني، وللأسف فإن المسؤولين عن المجموعات الدينية المتطرفة بدل أن يعملوا للمساعدة في نشر الدين وتعميمه فإنهم يساهمون في العودة للإلحاد والكفر بسبب أعمالهم وأخطائهم.
وبدل أن ينشغل الدعاة والعلماء ورجال الدين بالدفاع عن الفكر الديني ومواجهة التطرف والعنف، فإنهم يعطون الأولوية للمعارك بين أصحاب المذاهب والفرق والصراعات السياسية والعسكرية للوصول إلى السلطة.
إذاً نحن نحتاج إلى ورشة فكرية وثقافية واستراتيجية للبحث في ما يجري حولنا في العالم ولدراسة ما هي الأولويات التي يجب العمل عليها وخصوصاً من قبل العلماء والدعاة ورجال الدين. فهل الأولوية للطقوس الإسلامية التقليدية وتطبيق الحدود الشرعية ولو بالقوة؟ أم الأولوية للوصول إلى السلطة وحتى لو أدى ذلك إلى وجود 8 ملايين لاجئ من بلد ما كما جرى في سوريا؟ أو لو أدى ذلك إلى حصول ما يشبه الحرب الأهلية كما يجري في ليبيا ومصر واليمن؟ أو مقتل عشرات الآلاف كما يجري في العراق؟! وغير ذلك من الأحداث والتطورات في العالم.
وهل أن الصراع المذهبي والطائفي يساعد على العمل من أجل نشر الدين وإطلاق قيمه.
لماذا نجد أن الكثير من رجال الدين والقيادات الدينية تركز على "المد المذهبي أو الطائفي" أو كيفية التغلب على أتباع المذاهب الأخرى، بدل التركيز على نشر الإيمان والدين.
فهل نعيد النظر بمواقفنا وخطاباتنا وأدائنا، أم سنستيقظ يوماً لنجد أن العالم يضيع من بين أيدينا ونحن مشغولون بالصراعات المذهبية والسياسية والسلطوية والعودة إلى الخلافات التاريخية، كما كان يجري عندما سقطت القسطنطينية بيد العثمانيين فيما علماء الدين المسيحيين مشغولون بخلافاتهم الدينية والمذهبية او ماسمي جدل بيزنطي.
أو كما جرى في الأندلس عندما سقطت بيد الأوروبيين مجدداً فيما أمراؤها مشغولون باللهو والصراع على السلطة.
أو كما حصل عندما سقطت الخلافة العثمانية وغيرها من الخلافات العباسية والأموية وأقيم الكيان الصهيوني في بلادنا فيما الحكام والخلفاء غارقون بملذاتهم وصراعاتهم ونسائهم وحريمهم.
فهل نستيقظ ونعي خطورة ما يجري في عالمنا، لا بد من صحوة عقل وضمير وإعادة نظر حتى لا تضيع الفرصة بشكل نهائي؟