استعادت القوات النظامية السورية امس السيطرة على مدينة معلولا في منطقة القلمون الواقعة شمال دمشق والتي خرجت بشكل شبه كامل من ايدي مقاتلي المعارضة. وياتي ذلك غداة اعلان الرئيس السوري بشار الاسد ان الازمة في بلاده المستمرة منذ ثلاثة اعوام دخلت في "مرحلة انعطاف" لصالح نظامه. واعلنت قناة المنار التابعة لحزب الله الذي يقاتل الى جانب القوات النظامية السورية عن مقتل ثلاثة من العاملين فيها في معلولا. واوردت القناة انها "تنعي الشهداء الزملاء المراسل حمزة الحاج حسن والتقني حليم علوه والمصور محمد منتش بعد تعرضهم لنيران المجموعات المسلحة في معلولا". وبذلك، يرتفع الى 31 عدد الصحافيين الذين قتلوا في سوريا منذ اندلاع النزاع في اذار 2011 بينهم عشرة صحافيين اجانب، فضلا عن اكثر من مئة مواطن صحافي سوري قضوا في هذا البلد. وكان مصدر امني سوري قد اعلن في وقت سابق لوكالة فرانس برس انه تمت اعادة الامن والامان الى معلولا في سياق السيطرة على منطقة القلمون" الاستراتيجية، مضيفا ان "الارهاب انهار في القلمون ، معتبرا ان السيطرة على هذه المدينة وعلى مناطق اخرى في القلمون "ستعزز السيطرة على المعابر الحدودية" مع لبنان. من جهته ، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان "منطقة القلمون باتت بشكل شبه كامل تحت سيطرة حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري". مراسل لوكالة فرانس برس وصل الى معلولا قال ان فندق السفير الذي كانت مجموعات من المعارضة المسلحة تستخدمه كمقر، دمر بشكل كامل تقريبا، وانهارت احدى واجهاته المطلة على منحدر صخري، ونقلت الوكالة عن احد الجنود قوله : "تمت السيطرة على البلدة بشكل سريع، هذا الصباح، أخذنا بلدة الصرخة، ثم توجهنا الى معلولا، ولم يستغرق الامر الا ساعات . هذا وبدت آثار القذائف واضحة على جدران دير مار سركيس وباخوس، بينما تبعثرت في الداخل على الارض ايقونات واغراض اخرى خاصة بالدير فيما ازيل الصليب عن قبة الكنيسة الخاصة بالدير والذي يعود الى الطائفة الكاثوليكية ، كما امكن رؤية آثار حريق في احدى الغرف، من دون ان يعرف ما اذا كان ناتجا عن قصف او احراق متعمد، وكذلك مشاهدة جنود يعملون على ازالة الغام في المنطقة. وشهدت معلولا التي تقع على بعد 55 كلم شمال دمشق ، وغالبية سكانها من المسيحيين الذين نزحوا منها بعد بدء العمليات العسكرية ، شهدت معارك بين القوات النظامية ومجموعات من المعارضة المسلحة في ايلول انتهت بسيطرة المقاتلين المعارضين، قبل ان تستعيد قوات النظام السيطرة عليها. ثم الانسحاب منها مجددا في كانون الاول، حيث دخلها مقاتلون غالبيتهم من الإسلاميين . وتاتي السيطرة على معلولا بعد اسبوع من دخول قوات النظام الى رنكوس. وكانت معركة القلمون قد بدات في نهاية السنة الماضية ، وتمكن خلالها الجيش السوري بمؤازرة من عناصر تابعة لحزب الله من التقدم الى بلدات وقرى عديدة طاردا منها المجموعات المسلحة. وتشكل القلمون صلة وصل بين دمشق ومحافظة حمص في وسط البلاد، حيث تعتبر الامتداد الجغرافي الحيوي بالنسبة للنظام، على صعيد الامدادات والسيطرة السياسية. كما ان سيطرة النظام على القلمون من شانها ان تحرم المعارضة في ريف دمشق من قاعدة خلفية مهمة. ويشير المرصد السوري لحقوق الانسان الى استمرار وجود جيوب للمعارضة المسلحة في نقاط محددة في القلمون في الجبال وقرب الحدود مع لبنان، وفي بلدات صغيرة مثل حوش عرب وعسال الورد، بالاضافة الى نقطة تجمع كبيرة للمقاتلين في الزبداني في جنوب القلمون. كما يشير الى "وساطات جارية لايجاد تسوية لمدينة الزبداني لتجنيبها القصف الجوي". وفي وسط البلاد، نفذت القوات النظامية السورية كذلك غارات جوية عدة على الاحياء المحاصرة في حمص القديمة، غداة استقدام تعزيزات للجيش السوري الى المنطقة . وكان سجل خلال الايام الماضية تصعيد في عمليات القصف على هذه الاحياء بعد نوع من الهدنة استمرت اسابيع ، تم خلالها ادخال مواد غذائية ومساعدات بموجب اتفاق بين السلطات ومقاتلي المعارضة الموجودين في المنطقة باشراف الامم المتحدة. كذلك تم بين 7 و13 شباط الماضي اجلاء اكثر من 1400 مدني من الاحياء المحاصرة في حمص، بحسب رقم تقريبي يستند خصوصا الى ما اعلنته السلطات ، في حين لم يعرف بالتحديد عدد الاشخاص الذين كانوا لا يزالون متواجدين في هذه الاحياء المحاصرة منذ حوالى سنتين والتي تفتقر الى ادنى المستلزمات الحياتية والمواد الغذائية والادوية. احد الناشطين الذي يقدم نفسه باسم ابو زياد من حمص قال لوكالة فرانس برس ان القوات النظامية "تستعد لاقتحام المدينة القديمة"، وان هناك حوالى 1200 مقاتل لا يزالون في المدينة، و180 مدنيا بينهم ستون ناشطا. سياسيا، صرح الرئيس السوري الاحد ان "هناك مرحلة انعطاف في الازمة ، ان كان من الناحية العسكرية والانجازات المتواصلة التي يحققها الجيش والقوات المسلحة في الحرب ضد الارهاب، او من الناحية الاجتماعية من حيث المصالحات الوطنية وتنامي الوعي الشعبي لحقيقة اهداف ما تتعرض له البلاد". وفي لاهاي، اعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ان دمشق سلمت ثلثي ترسانتها الكيميائية تقريبا في اطار الاتفاق الروسي الاميركي المبرم في ايلول والذي تلاه صدور قرار بالمعنى نفسه عن مجلس الامن واتفاق موقع بين المنظمة والسلطات السورية. وفي لوكسمبورغ ، حذر الاتحاد الاوروبي من "مهزلة ديموقراطية" ستشكلها الانتخابات المقررة هذا الصيف في سوريا في حال لم تجر سوى في المناطق التي يسيطر عليها النظام. على صعيد أخر، دانت نافي بيلاي، رئيسة المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ما وصفته بتعميم التعذيب في السجون السورية، معربة عن الاسف لاستعماله ايضا من طرف بعض المجموعات المسلحة، مشيرة في تقرير لها الى "شهادات فظيعة" عن عمليات تعذيب ارتكبت في السجون الحكومية ولدى بعض الفصائل المقاتلة.