شاءت الظروف والأقدار السياسية ومشيئة المصالح بين زعامتين دينية وسياسية أن تُتيح لقريب الزعامة الدينية الوصول إلى ما يبتغيه بمرسوم حكومي وبطريقة قد تكون متجاوزة للمؤسسة الدينية التي كانت تحرص على إبقاء ما يتصل بالعنوان الديني الوظيفي في عهدة مؤسسها وحامل أمانتها في لحظة تاريخية شهدت حجمه على المؤسسات التي أسَّسها على ثوابت لبنانية لا على معايير تخدم مصالح ضيقة وخاصة أو مصالح خارجية وعلى حساب لبنان واللبنانيين... في العودة إلى السِّمسار وما أكثر السَّماسرة من أصحاب الثياب المزركشة في العلاقات المأزومة بين تلك الزعامتين المذكورتين ، ترى ثمَّة تجربة مرَّة كشفت عن عورة العلاقة التي أتاحت بالسِّمسارالدِّيني على تواضع في العلم والمنطق والأخلاق لكن في جانب آخر تراه متخم ومتضخم في المال على أن يكون مشروعاً سياسياً صغيراً بحجم رأسماله الشخصي ما لبث أن سقط في أوَّل الطريق نتيجة لإرتدادات في محيطه ولهزَّات سياسية وإجتماعية نالت منه وطالته الويكيلكسات العامة والخاصة التي كانت مستودع مشروعه ومكاسب طموحه وأسراره....حيث إتضح ما كان يصبو إليه لتحقيق مكاسب شخصية من موقع العداوة لجهة حزبية دينية ممسكة بالطائفة التي ينتمي إليها...هذا الوضوح الشمسي والإنكشاف النهاري أزعج الزعامة السياسية الكبيرة التي ما زالت تحرص على مشروعها الوطني والإنساني وهموم المجتمع أسرعت الخطى المباركة وسارعت إلى إخراجه من صندوقةٍ أخلاقيةٍ ترشد المجتمع والناس من خلالها إلى مسالك إسلامية من مغبَّات ومطبَّاتٍ وعرة التي قد تحتاج هي بذاتها إلى دعوات في الإصلاح التبليغي والديني والسياسي والوعظ الأخلاقي في بناء المجتمع والأسرة والقرية والبلد والوطن التي تستهدي إلى طريق الدين الحنيف بواسطة مسالك أخلاقية مؤمنة وآمنة ، نعم لقد أُخرِجَ ذلك المسلك من فتن الوعظ الأخلاقي والديني بعد أن لفظته تجاربه الضيقة المخبؤة داخل أكياس إلكترونية أفرغت المحتوى من طموحاته القاتلة وللعلاقة في المحيط في مجال الإستثمارت في الله تعالى والشيطان الرجيم....نعم حذَّرتنا روايات أهل البيت عليهم السلام وما رواه الإمام زين العابدين (ع) قال : " إذا رأيتم الرجل قد حَسُنَ سمته وهديه ، وتواضع في منطقه وحركاته ، فرويداً لا يغُرنَّكم ، فما أكثر ما يعجزه عن طلب الدنيا وركوب الحرام ، لضعف بُنْيِتِه ، فنصب الدِّين فخاً لها ، يختلي الناس بظاهره ، حتى إذا تمكَّن من الحرام إقتحمه..." وهذا يعني إيَّاك زهد الرجل في ماديَّات الدنيا وإيَّاك أن تنخدع بكثرة وعظه ومسلكه في المجتمع ومسلكيات الأسرة ، وكثرة صلاته وصيامه... فإنَّ بعض العلماء وبعض الرجال والسماسرة يضحون بشهوات الدنيا كلِّها لأجل شهوة إمرأة أو شهوة حبِّ السلطة والجاه وحبِّ النفوذ والأمر والطاعة والنهي والشهرة ... رحم الله السلف الصالح من علمائنا الأبرار وحفظ الباقين منهم الذين ساروا على نهج الأئمة الأطهار في الوعظ والأخلاق ، لم يكونوا وعاظ زهدٍ وتزهيد في الدنيا بل كانوا تجارب أخلاقية إنسانية بشرية متصلة بالفطرة والوجدان تعبيراً عن إيمانهم الحقيقي بالدِّين الحنيف وبسماته الواضحة والبارزة من تلك الهوية.....