تنتشر في العالم اليوم ظاهرة العنف بكافة أشكاله، ويشكل العنف ضد النساء والأطفال أحد مظاهر هذا العنف.
ويضاف إلى ذلك عنف الحروب والصراعات الدينية أو القبلية أو الاجتماعية أو السياسية، ويعتبر بعض الباحثين أن ظاهرة العنف متأصلة في النفس البشرية أو الوجود الإنساني، وأن العالم بدأ بعملية عنف عندما قتل قابيل شقيقه هابيل.
وامتد العنف إلى وقتنا الحاضر، ورغم أن العنف ينتشر في أنحاء العالم بأشكال مختلفة لكن ما نلاحظه أن العنف في الواقع العربي والإسلامي هو أكثر انتشاراً من بقية أنحاء العالم، كما أن العنف الذي تشهده النساء والأطفال يزداد انتشاراً دون أي رادع أو ضوابط.
وفي مقابل عنف الأنظمة والسلطات الطاغية برز عنف الأحزاب والجمعيات والتيارات السياسية والحزبية وخصوصاً تلك التي تحمل أفكاراً متطرفة ومتشددة، وما نشاهده اليوم في العديد من الدول العربية والإسلامية من جرائم قتل وعنف وصراعات متنوعة يؤكد ازدياد حجم العنف، في حين أن دول الغرب (أوروبا وأميركا) قد نجحت في ضبط العنف الناتج عن الصراعات السياسية والحزبية وإن كانت تعاني من عنف اجتماعي واقتصادي.
وفي ظل ازدياد ظاهرة العنف في عالمنا العربي والإسلامي نحتاج اليوم إلى إعادة التفكير المعمق بهذه الظاهرة وأسباب انتشارها والبحث عن الحلول للتخفيف منها أو مواجهتها ولو بشكل جزئي لأنه من الصعب إنهاء العنف بشكل كامل من هذا الوجود حتى يوم القيامة.
ولكن المطلوب اليوم البحث العميق بهذه الظاهرة خصوصاً في عالمنا العربي والإسلامي والعمل من أجل وضع حلول فكرية ــ سياسية ــ ثقافية وقانونية تستطيع محاصرة العنف وتضييق المجال الذي ينتشر فيه.
ويقترح العلماء والباحثون والمفكرون بعض الأفكار الأولية التي تحتاج لنقاش ومنها:
1- بناء الدولة العادلة والقوية والقادرة على بسط سيطرتها وأن تكون الدولة للجميع.
2- نشر ثقافة التعددية والتسامح والقبول بالآخر في مواجهة التطرف والتكفير ورفض الآخر.
3- إعادة النظر بما يسمى "العقد الاجتماعي" سواء على مستوى الدول أو المجتمعات من أجل قيام عقد اجتماعي جديد يلبي حاجات المجتمع.
4- الوقوف بوجه التسلط والديكتاتورية والظلم والاحتلال لأن من أسباب العنف وجود الظلم والطغيان والاحتلال.
5- وضع القوانين والأنظمة وفرض الإجراءات التي تحد من العنف ولا تسمح بتبريره ثقافياً أو اجتماعياً أو دينياً.
6- الدعوة للحوار لتحقيق المصالح التي تلبي حاجات الجميع بدل التقوقع في المواقف السياسية أو الغرق في الخلافات التاريخية أو التركيز على الأحقاد والخلافات.
7- البحث عن الأسباب العميقة السياسية والاجتماعية والنفسية التي تدفع الأفراد والجماعات إلى ممارسة العنف.
هذه بعض الأفكار الأولية والتي تحتاج لنقاشات وحوارات معمقة وقد نشرت العديد من الدراسات والمقالات والأبحاث حول ظاهرة العنف وكيفية مواجهته والمطلوب فتح الحوار الواسع والصريح والواضح حول كل القضايا عسى أن نستطيع المساهمة ولو بشكل مقبول بالتخفيف من انتشار ظاهرة العنف في بلادنا أسوة بما يجري في كل أنحاء العالم.
فنحن نحتاج اليوم إلى السلام والطمأنينة وبناء المجتمعات الحرة القادرة على العيش باستقرار دون أن نضطر إلى تعداد أرقام القتلى والجرحى يومياً.