يسُرُ سمير جعجع لزواره في معراب بُشرى الوصول الى كرسيّ الرئاسة , مستنداً على تحليل قواتي متصل بواقع توازنات الكتل النيابية , وبأكثرية الجهة التي يصطف الحكيم في داخلها كقطب وازن مسيحيّاً , وبالوسطية الجنبلاطية المائلة اليه اذا ما خيّرت مابين الحكيم والجنرال . ويعزّز مادة التحليل القواتية بعنصر داخلي مهم ومتحرك من الأجواء المسيحية الداخلية وحاجة الكنيسة الى رئيس مسيحي قوي يعيد للمسيحيين دورهم وحضورهم وللرئاسة خصوصيّتها كموقع تمثيلي لأقلية مسيحية تشعر بالحماية من خلال دورها الريادي والطليعي في ادارة الدولة باعتبارها السقف الآمن لمصالح المسيحيين في الشرق . ويستند سمير جعجع في بشرى الرئاسة على خيار الرابع عشر من آذار المنحاز الى رئاسة الحكيم في ظل ترشيحات معادية لهذه الجهة ولتيّار المستقبل المعني مباشرة في انتخابات رئاسية تؤدي الى رئيس من صفوفه . ويظن الحكيم وظنه هنا متخام لليقين , بأن الرئاسة أمست في عهدة المملكة العربية ولم تعد في قبضة النظام السوري أو في السلة الايرانية ومو مطمئن لخيار المملكة وبقدرتها على المساهمة في تحضير الأجواء اللازمة لوصول ممثل الرابع عشر من آذار الى قصر بعبدا . هذا في التحليل لحلم القوّات في حكم الحكيم , أمّا في الواقع القواتي أيضاً , فان الحكيم يسرد لزواره قصص جميلة عن وهن جماعة 8آذار من خلال الفخ الذي وقع فيه حزب الله في سورية وطبيعة الاستنزاف الذي أصاب الحزب في سورية من خلال حشده لامكانيّاته كلها والتي كُشفت لاسرائيل وباتت تحت مرمى النيران الاسرائيلية ,اضافة الى استنزافها اليومي في حرب مطولة لا طاقة لحزب الله على حجم خسائرها . ومن خلال الأمن المستباح في لبنان من قبل الانتحاريين الذين هزّوا الحزّب وجعلوها يفقد اعتزازه بقدراته الأمنية واللجؤ الى أجهزة الدولة ولطالما شكك في قدراتها على حفظ وحماية لبنان , لحماية دويلته من هجمات اسلاميين أرسلهم رُسلهم من دُعاة الجهاد لتنفيذ عمليات انتحارية تُصعدهم الى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمنتحرين ضد الرافضة.
إذاً يبرر الحكيم سهولة الوصول الى الرئاسة بمواد تحليلية متضمنة أكثرية نيابية جانحة له , وبسلاسل مكبلة لحزب الله من فعل شيء في خضم حروبه المفتوحة من دمشق الى الضاخية وحاجته الماسة الى تهدئة داخلية تُخفف عنه أعباء الحروب المحاصرة لسياساته الداخلية استمهالاً له لما ستؤول اليه الأحداث في سورية . لأنه يعتبر لبنان مسألة لتقطيع الوقت ليس أكثر لأن نتائج الحرب في سورية هي التي تُحدد مستقبل لبنان السياسي والطائفي . ولا يخفي الحكيم مخاوفه من عودة مسلسل الاغتيالات النيابية انسجاماً مع معركة الرئاسة المرتكزة على أكثرية لا على تحالفات لأن المجلس منقسم بشكل عامودي بين مرشحين للرئاسة ولا يمكن التلطي خلف قناع الوسطية دفعاً لأكلاف المواقف المخالفة للحزب المسيطر . في تقديري أن الحكيم في بداية هذيان سياسي أصابه نتيجة لحساسيّة الموقف وارتفاع منسوب الشخصانية عنده بطريقة أفقدته التوازن في التحليل .. من المستحيل تغييرصورة سمير جعجع من أذهان النّاس وان أعاد تركيب قسماتها في اطار مختلف جدّاً , ولا أحد من اللبنانيين المختلفين مع قائد القوات اللبنانية يريد أن يصدق أن قوّات دولة الصليب أصبحت قوّات الدولة الوطنية المدنية ولا أحد من الكافرين بالحكيم بقادر على أن يتقبل حكيماً كافراً بأدوات الحرب ومؤمناً بأدوات السلام . في معركة الرئاسة لا يكفي التمثيل الماروني الفاعل داخل الطائفة ثمّة متسع لبناني يفتقده رئيس القوات اللبنانية .لذا من الصعب أن يكون سمير جعجع , فخامة الرئيس.