يُعتبر الجنرال ميشال عون مرشحاً قوياً ودائماً لرئاسة الجمهورية التي فاتته منذ الحكومة العسكرية والتوسط لدى السوريين لقبوله رئيساً جاهزاً للقبول بالشروط السورية ولكن حاجة السوريين الدائمة الى رئيس تحت الباط جعلت من عرض عون عرضاً رخيصاً لا يلبي رغبات النظام السوري في الرئاسة اللبنانية وبعد نفيّ عون الى باريس وفق صفقة فرنسية - سورية وخوضه من هناك معركة العودة الظافرة الى لبنان تحت شعار انسحاب سورية والتخلص من السلاح غير الشرعي وخاصة سلاح حزب الله ونتيجة لتطورات داخلية وخارجية عاد عون من غربته القسرية ظافراً وفاتحاً ومنتصراً بالقرار 1559 والذي اعتبره أحد بركاته وأوّل الدافعين به الى مجلس الأمن ونتيجة لخوف جماعة 14آذار من عون الكاسح مسيحيّاً آنذاك ونزولاً عند رأي رئيس كتلة النضال الحذر جدّاً من شخص مسيحي مهتجس بالعودة الى أيّام الزعامة المارونية وانسجاماً مع مسيحيّ الكتائب والقوّات وشخصيّات مارونية وازنة تمّ حذف عون من خيارات الرئاسة المتمسك بها الى حدّ الموت في سبيلها وجاءت تداعيات الانسحاب السوري من لبنان الى فرض الاتفاق الرُباعيي بين تيّارات الطوائف اوالذي نفى عون مُجدداً ولكن من الاتفاق وليس من المعادلة السياسية اذ أن المسيحيين منحو عون ثقتهم به كآخرأمل لهم بجنرال من طينة الشخصيّات المسيحية المأسوف عليها بعد رحيل جهابزة المشروع الماروني . لأن الاتفاق الرُباعي تعبير عن تقاطعات آنية سقط وفشل وانقسم المتحالفون عامودياً وبطريقة حادة أسهمت في صياغة تحالفات جديدة برزت بين خصمين هما حزب الله والتيّار الوطني الحرّ وتحوّلت الى اتفاق متين وثابت يعطي حزب الله شرعية وطنية ببعدها المسيحي يحتاجها الحزب في الداخل وفي الخارج ويعطي عون فرصة أكيدة للحصول على الرئاسة وقوّة قهرية لأخصامه المسيحيين وترهيباً وترغيباً لعامة المسيحيين اذا ما قرروا الانفلات من العونية بعد أن أثبتت بانها سفينة مسيحية حاملة لشعارات كبيرة ولكنها معروضة للبيع خدمة للصهر والعائلة وبذلك تساوى التيّار مع عائلة الكتائب وبات تجربة مستنسخة من عظام حزب بيار الجميل . بعد التفاهم الورقي والفعلي بين حزب الله والتيّار لم يساعد الأوّل الثاني على بلوغ حلمه في الرئاسة لاعتبارات موضوعية من جهة وتوازنية وايماناً من الحزب بضرورة وسطية الرئاسة الأولى لأن ذلك يمنع من خلق طرف ثالث يوسع من دائرة الخلاف اذا ماجاء الجنرال بذهنية المسيحي الخارج من قمقم الطائف وبذلك يصبح لبنان ممزقاً كل ممزق بين السُنة والشيعة والموارنة وبالتالي فان المخاوف من عودة غير ميمونة للتجربة المارونية مسألة فاعلة في العقليين السُني والشيعي وهما غير مطمئنيين الى شخص عسكري برتبة الجنرال ميشال عون . وبعد أن أستُبعد الجنرال من الرئاسة باتفاق الجميع في الدوحة والاتيّان بالجنرال ميشال سليمان كرئيس لا ينتسب للمارونية كما يفهمها الجنرال عون ومع انتهاء ولاية الرئيس سليمان وفتح باب الرئاسة في لبنان على مصرعية يرتفع منسوب الحظّ الأخير عند عون لرئاسة الحلم لتيّار محكوم برئيس للرئاسة وبصهر للوزارة فقط وما عدا ذلك مجرد تفاصيل مسيحية .. ربما مازال صوت مدفع عون الذي قصف به الضاحية وبيروت لاخراج المحتل السوري ولم تُصب قذائفه سورياً واحداً بل شظّت عمالاً وطلاّباً وعسكريين ومواطنين أبرياء . يرج بيوت الذاكرة اللبنانية ويدفع بجميع القوى الأساسية في لبنان من جماعات آذار الى استبعاد عون من الرئاسة انسجاماً مع المخاوف التي تنتابهم من تجربة الجنرال المرّة منذ حكومته العسكرية وحتى كتلته المُصطفة تحت شروط عون الرئاسية والتي برزت مؤخراً من خلال محاولة تعطيل اتفاق حزب الله - تيّار المستقبل والذي سهل له كل من الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة النضال وليد جنبلاط والذي أتاحته ضرورات خاصة تعصف بالمنطقة والتي حاصرها عون بنظرة لا تتعدى حدود الوزارة والعين التي على الرئاسة
عون والرئاسة المستحيلة
عون والرئاسة المستحيلةعلي سبيتي
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
1445
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro