- مع الاعتذار من دولة الرئيس بري ، ولكن ما المعنى من تشكيل لجنة نيابية ومن نواب ينتمون الى كتلة التنمية والتحرير بالذات ، ستواظب وخلال خمسة ايام ( اعتبارا من يوم امس ) على التجوال على قيادات يفترض انها معنية بمسافات متفاوتة باستحقاق انتخابات الرئاسة الاولى . حركة مسرحية من قبل رئيس المجلس لا يمكن ادراجها الا في اطار تعبئة الوقت الضائع والقول وعلى الطريقة اللبنانية : ً انا عملت اللي عليي كرئيس مجلس ً . والمضحك المبكي ان هذه الحركة توصف تحت عنوان : ًلبننة الاستحقاق الرئاسي ً في وقت يعرف القاصي والداني ، المتعمق والمبتدأ في الحياة السياسية اللبنانية ، انه لا يُشهد على أية مرحلة في تاريخ هذا البلد ، استطاع فها اللبنانيون ان ينجزوا استحقاقاتهم بمحض انفسهم ، من دون تدخل زيد او عمرو ، او شعروا حتى ، انهم سادة قرارهم من دون انتظار كلمة سر إقليمية او دولية تُملى عليهم في اللحظات الاخيرة . ففي كيان صغير مثل لبنان تحده من الشرق والشمال دولة شقيقة ما استطاعت ان تتقبل في يوم من الايام ، قيام وطن مستقل على تخومها ، ومن الجنوب دولة غاصبة لم يبادلها سوى سنوات من العداء منذ العام ١٩٤٨ ، يقابل ذلك داخليا ، هشاشة في الوفاق الوطني وانعدام لاي مظهر من مظاهر الوحدة بين مكونات المجتمع ، نتيجة لارتباط متجذر للطوائف وتجلياتها على صعيد القوى السياسية ، كل بجهة خارجية داعمة وراعية .. في مثل هكذا كيان لا يمكن التعويل كثيرا على امكانية ً لبننة ً الاستحقاق الرئاسي ، وإنجازه ضمن الآليات الديمقراطية الصحيحة والمتعارف عليها . وفي نظرة الى الوراء على الوقائع التاريخية لانتخاب رئيس الجمهورية اللبناني منذ الاستقلال وحتى اليوم ، نرى انه في عهد الرئيس بشارة الخوري ، كان التنافس يدور بين الكتلتين الدستورية برئاسة الخوري ، والوطنية برئاسة اميل اده ، وكان يعكس تصارع المصالح بين القوتين الانتدابيتين آنذاك في المنطقة : بريطانيا وفرنسا .. وبعد حرب السويس وبروز التنافس الاميركي السوفياتي ، ادى انكفاء بريطانيا الى أفول عهد حليفها الرئيس كميل شمعون في العام ١٩٥٨ ، وأتى التفاهم الاميركي الناصري بقائد الجيش فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية . وبعد حرب ال٦٧ ، قوي ذراع التيار السياسي المسيحي، في مقابل تصاعد قوة المقاومة الفلسطينية ، وأدى الانقسام الى انتخابات رئاسية حسمت لصالح الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد ضد الياس سركيس في العام ١٩٧٠ . وقبل ان يختم الرئيس فرنجية عهده اندلعت الحرب اللبنانية ودخل لبنان مرحلة التدخل المباشر السوري والاسرائيلي . اذاً كل الذين تعاقبوا على موقع رئاسة جمهوريتنا الميمون ، لم تأت بهم ارادة اللبنانيين الصافية ، بل كانوا يجلسون على الكرسي الاول بنتيجة تسويات وصفقات تفوح منها رائحة الخارج بكل تناقضاته .. واليوم ، يمسك فريقا الصراع الرابع عشر والثامن من آذار بمفاصل الحياة السياسية في لبنان ، ولا شك ان صراعهما ينعكس بكل ثقله على انتخابات رئاسة الجمهورية الي دخلت في المهلة المقررة لها دستوريا بداية هذا الاسبوع . الرئيس ميشال سليمان الرافض بالمبدأ للتمديد ، يقول انه من سابع المستحيلات ان يصار الى التمديد له ، فيما يبرز على وجه ًصحارة ً كل فريق مرشح قوي ( وان لم يترشح احد منهما رسميا بعد ) الدكتور سمير جعجع من جهة والجنرال ميشال عون من جهة اخرى ، بينما يعلن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انه على مسافة واحدة من الجميع ، وما في قلبه عند الله ... إقليميا ، ترزح الساحة اللبنانية تحت ثقل النفوذ السوري الإيراني من باب الهيمنة الكبرى لحزب الله على ارض الواقع .. دوليا ، لا يبدو ان الحماس الاميركي والأوروبي بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ( الخامس والعشرين من ايار ) سيذهب الى نهاياته في كبح جماح الحزب ، ليبقى الامر مرهونا بمسار التفاوض الاميركي الإيراني حول الملف النووي ، وبمآل الصراع على الساحة السورية . وبناء على ما تقدم ، اين تُصرف ًلبننة ً الرئيس بري الا في فضاء السراب والأوهام ؟؟؟