برزت خلال الأحداث والصراعات التي تشهدها الدول العربية والإسلامية ولا سيما بعد الثورات الشعبية العربية ظواهر خطيرة على صعيد انتهاك المبادئ الإنسانية والحقوق الطبيعية للبشر، وبما يخالف الأخلاق والمبادئ الإسلامية الأساسية والتي أوصى بها الرسول محمد(ص) والأئمة(ع) وكافة العلماء والفقهاء.
فإحدى أهم قواعد الحروب (سواء على الصعيد الإنساني أو الإسلامي) حماية المدنيين وعدم التنكيل بهم وتقديم كل ما يمكن أن يساعد على حمايتهم والحفاظ على أرواحهم، وهذا ما لا نلاحظه أبداً في الحروب والصراعات الدائرة، فنشهد قتل المدنيين والأطفال والنساء والأبرياء بدون أي مبرر.
والقاعدة الثانية حماية الأسرى وتقديم الرعاية لهم وعدم الإجهاز عليهم لأي سبب كان، وللأسف نشاهد صور الإجهاز على الأسرى وقتلهم في الشوارع والساحات.
والقاعدة الثالثة: احترام الجثث وجثامين القتلى لأي طرف انتموا، وعدم التنكيل بالجثث والعمل لدفن القتلى، وما نلاحظه هو العكس حيث يتم التنكيل بالجثث وتصوير القتلى وجرف بعضهم بالجرافات وذلك بهدف إضعاف معنويات الخصوم.
أما القاعدة الرابعة، فهي تقديم العلاج للجرحى سواء كانوا مقاتلين أسرى أو مدنيين، وهناك انتهاكات عديدة لهذه القاعدة.
وهناك قواعد ومبادئ وأخلاق أخرى تحدث عنها الإسلام ووضعت ضمن المبادئ والقوانين والمعاهدات الدولية، ولكن ما نشاهده في الصراعات والحروب التي تشهدها بعض الدول العربية والإسلامية هو عكس ذلك تماماً، ونحن لا نتحدث عن طرف سياسي أو حزبي معين أو نظام محدد، فالجميع مسؤولون عما يجري، وبدل أن نقدم كعرب ومسلمين نماذج حضارية وأخلاقية راقية حتى في الحروب والصراعات، نلاحظ تقديم أسوء الصور والمشاهد والممارسات.
والأخطر من كل ذلك أن وسائل الإعلام التقليدية (خصوصاً الفضائيات) أو مواقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك والتويتر واليوتيوب) تقوم اليوم بنقل هذه الصور والمشاهد والأفلام بدون أي رادع أخلاقي أو إعلامي.
بل أن بعض المراسلين الإعلاميين يحلو لهم أن يتصوروا أمام جثامين القتلى وينقلون صور الإجهاز على الأسرى أو قتل المدنيين والأبرياء وتجويفهم دون أن يرف لهم جفن.
وكل ذلك يجري دون أن نشهد أي موقف علمائي أو فقهي أو من قبل قيادات سياسية أو منظمات حقوقية ترفض هذه الممارسات وتقف بوجهها وتمنع الاستمرار فيها.
وإذا كنا اليوم غير قادرين على وقف الحروب والصراعات بين مختلف القوى السياسية والحزبية والأنظمة، فعلى الأقل لنلتزم بالمبادئ والأخلاق الإسلامية والدولية، وعلينا إعادة النظر فيما يجري لأنه يسيء للإسلام والمسلمين بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ.