استضافت باريس مؤتمر مجموعة الدعم الدوليّة للبنان بمشاركة وكيل الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، ووزراء خارجية الدول الخمس الكبرى، إضافةً إلى السعودية، المانيا، ايطاليا، النروج، والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وممثلين عن الصندوق الدولي والبنك الدولي. ودعا ملخّص الاجتماع الافتتاحي جميع الأطراف اللبنانية إلى الإلتزام بـإعلان بعبدا وبسياسة النأي بالنفس.
واكتسب المؤتمر أهمية عالية ليس من حيث توقيته فحسب بل من حيث مستوى التمثيل فيه أيضاً، والأهم كان من خلال الإحاطة الاستثنائية برئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، التي كان يحتاجها في ظل الحملة الشرسة التي تطال مقامه في لبنان، بينما تفصله فترة شهرين عن مغادرة قصر بعبدا. وهذا ما أكّد على حرص المجتمع الدولي على موقع الرئاسة الأولى في لبنان وضرورة احترامه وحمايته والتشديد على اللعبة الديمقراطية من خلال ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها.
هذا وأكد المجتمع الدولي من خلال هذا المؤتمر على ضرورة حماية الاستقرار الداخلي وتحييد لبنان عن صراعات. وبالتالي الحرص على تبني إعلان بعبدا في البيان الختامي رغم الخلافات الداخلية التي رافقت مسألة إدراجه في بيان الحكومة الوزاري وربطه ببند المقاومة.ويساعد التبني الدولي لمثل هذا الإعلان لبنان على رفع السقف السياسي الذي سينطلق منه أي رئيس جمهورية مقبل وضرورة تبنيه لهذا الإعلان كشرط أساسي في أوراق ترشحه للرئاسة الأولى.
ولخّص البيان الختامي للمؤتمر الذي صدر عن قصر الإليزيه توصيات المؤتمر وتوجهاته بدعم ترسيخ الاستقرار الداخلي وتحييد لبنان عن تداعيات الأزمة السورية والإطلالة على الاستحقاقات الدستورية من باب التشديد على أهمية إجرائها، وتوفير الدعم المعنوي والمالي والاقتصادي للبنان. حيث دعا المؤتمرون إلى إستمرار الدعم الدولي للبنان لمساعدته على مواجهة المشاكل التي تهدد أمنه واستقراره، معبّرين عن سرورهم بتشكيل الحكومة واستعدادهم للعمل والتعاون مع رئيسها تمّام سلام، كما طالبوا بإجراء الإنتخابات الرئاسية والنيابية وشكروا الرئيس سليمان لعمله للمحافظة على السيادة والاستقرار في بلده واستمرار المؤسسات وتشجيعه للحوار الوطني ووضعه لبنان بمنأى عن الأزمة السورية، مؤكدين على ضرورة احترام "إعلان بعبدا". كما شددوا على دور الجيش وتعزيز إمكاناته من خلال آلية التنسيق التي تقررت في شباط الماضي لدعم الخطة الخمسية للجيش، معلنين انتظارهم اجتماع روما الذي سيعزز المساعدات الدولية للجيش.
ورحّب سليمان بأهمية حصول تقدّم أوّلي في موضوع الدعم الاقتصادي للبنان، تمثّلَ بصورة رئيسيّة بإنشاء الصندوق الائتماني الخاص بلبنان، وأملَ في أن يتمّ دعم الجيش بالمعدّات اللازمة، خصوصاً بعد المبادرة السعودية، ورأى أنّ أزمة اللاجئين السوريّين في لبنان باتت تستدعي وعيَ المجتمع الدولي بصورة أفضل إلى أنّ هذه المشكلةَ المتفاقمة باتت تشكّل خطراً وجوديّاً يطاول الكيان اللبناني على أكثر من صعيد.
فلا شكّ بأن هذا المؤتمر سيسهم بإعادة تموضع لبنان على خط الديمقراطية الدولية التي حاول بعض الأفرقاء اللبنانيين إبعاده عنها، وبهذا يكون الرئيس سليمان استطاع من خلال المؤتمر أن يسجّل هدفاً في مرمى منتقدي إعلان بعبدا الذي كان من أهم ما تم التركيز عليه في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان.