رأى العلاّمة السيّد علي الامين بأن وجود قواعد عسكرية خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية تجعل من قضية الحرب والسلم خارج قرار الدولة اللبنانية، وهذا مما يبقي لبنان ساحة مفتوحة لصراعات لا يريدها، ويزيد من احتمالات قيام إسرائيل بشنّ الحرب والعدوان على الأراضي اللبنانية، داعياً في حديث لkataeb.org الى العمل لإنهاء الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية بالوصول إلى صيغة تجعل من سلاح المقاومة مرتبطاً بالجيش اللبناني الذي تقع عليه مسؤولية الدفاع عن الوطن .
ورداً على سؤال حول موقفه من العمليات الانتحارية التي تطال مناطق شيعية تابعة سياسياً وامنياً لحزب الله والتي بدأت تطال منذ مدة حواجز الجيش اللبناني، ولماذا إستهداف الجيش تحديداً من قبل هؤلاء، قال العلاّمة الامين :" لقد أبدينا في دروسنا الفقهية وجهة النظر الدينية في العمليات الإنتحارية والإرهابية، وقلنا بأنها تعدُّ في الشرع من كبائر الإثم والعدوان، والعملية الإنتحارية تنطوي على جريمة وحشية مزدوجة تجمع بين قتل النفس وقتل الأبرياء وهي من أفظع الجرائم التي يرتكبها الإنسان ضدّ نفسه وغيره، وقلنا إن الأعمال الإنتحارية لا ترتبط بدين أو بطائفة أو منطقة، وهي مستنكرة ومدانة أينما وقعت، ومهما تكن الأسباب المزعومة فلا يوجد من مبرر شرعي أو إنساني لقتل الأبرياء. وليس باستطاعتنا ونحن نرى مجريات الأحداث أن ننكر بأن تدخل حزب الله في القتال على الأراضي السورية، بمعزل عن إرادة الدولة اللبنانية وعن إرادة معظم الشعب اللبناني، هو ما ساهم في إدخال لبنان الشعب والدولة في دائرة انتقال الصراع إليه، بما في ذلك أساليب العمليات الإنتحارية المستخدمة على الأراضي السورية بين الجماعات المتصارعة هناك.
وحول قدرة حزب الله في إقناع الطائفة الشيعية بمبرّرات تدخله في سوريا تحت شعار الدفاع عن المقامات الدينية وأمن لبنان، رأى انه لا توجد قناعة لدى عموم الطائفة الشيعية بالمبررات الدينية لتدّخل حزب الله في سوريا، لأن حزب الله ليس مرجعية دينية، ولم يصدر عن المرجعية الدينية للشيعة في العراق وإيران حكم شرعي بوجوب القتال في سوريا دفاعاً عن المقامات الدينية، فإن المقامات الدينية للشيعة في العراق هي أكثر قداسة عند الشيعة، ولم تصدر عن تلك المرجعيات الدينية فتاوى بوجوب الدفاع عنها في زمن النظام العراقي والإحتلال الأميركي ولم يذهب حزب الله للدفاع عنها ! ولذلك فإن قتال حزب الله في سوريا منطلق من دوافع سياسية ناشئة عن تحالف النظام الإيراني مع النظام السوري، وقد أعلن أخيراً وزير الخارجية الإيراني بأن حزب الله ذهب من تلقاء نفسه للقتال في سوريا، فمن أين جاءت الفتوى الدينية ؟!.وهذا يعني فقدان الغطاء الديني من المرجعية الدينية العليا والمؤسسة الدينية الرسمية في لبنان، والتي لا تعتبر مرجعية دينية للطائفة الشيعية بالمعنى الفقهي، وكذلك بعض الجمعيات الدينية لم يصدر عنها تأييد للقتال داخل سوريا خارج إطار التأييد السياسي لحزب الله. وأما الدفاع عن أمن لبنان فهو مسؤولية الدولة اللبنانية، ولا يحصل بذهاب حزب الله للقتال هناك ولم يحصل كما دلّت شواهد الأحداث، وإنما يحصل الدفاع عن لبنان بانضمامه إلى الجيش اللبناني ليصبح أكثر قدرة على الإمساك بالحدود اللبنانية لمنع دخول السلاح والمسلحين من لبنان إلى سوريا وبالعكس، وكل الشعب اللبناني يقف مع جيشه في الدفاع عن لبنان .
وعن مدى إستمرارية الموقف الداعم للسيّد حسن نصرالله من قبل جمهوره بعد كل المأسي التي طالته كبيئة حاضنة للحزب على الرغم من موجة النزوح الكثيفة من مناطق الضاحية الجنوبية نحو البقاع والجنوب، اشار العلاّمة الامين الى إنخفاض مستوى التأييد من جمهور حزب الله له، وهناك تساؤلات عديدة بدأت تظهر إلى العلن من جمهوره في مجالسهم حول أخطار وأضرار الخطوة التي أقدم عليها حزب الله بالمشاركة في القتال على الأراضي السورية.
وفي اطار تخوفه من إشتعال الفتنة السّنية – الشيعية في لبنان وكيف السبيل للالتفاف حول مشروع الدولة ومنع انتقال المشهد السوري الينا، اكد وجود رفض معلن للفتنة من مختلف الأطراف اللبنانية الفاعلة، ولكن تبقى المخاوف قائمة من انجرار لبنان رغماً عنه إلى منزلقات الصراع الأهلي المسلح بسبب التصاعد القادم من الأحداث في سوريا للوتيرة المذهبية والطائفية في المنطقة، وهنا تأتي مسؤولية الدولة اللبنانية في لزوم الحفاظ على الوطن والشعب بإبعاد لبنان عن انتقال المشهد السوري إليه من خلال بسط سلطتها على كامل أراضيها والعمل على إخراج اللبنانيين أحزاباً وأفراداً من المشهد السوري .
وعن رأيه بالحكومة الجديدة والنقاط الخلافية في بيانها الوزاري، من اعلان بعبدا ومبدأ الحياد الى رفض ثلاثية "الجيش والشعب والمقومة" من قبل فريق 14 آذار، ختم العلاّمة الامين:" المتوقع من هذه الحكومة أن تسبغ شيئاً من الهدوء على المستوى الداخلي بين الأطراف السياسية، ولا يتوقع منها معالجة المشاكل الأساسية التي يعاني منها الشعب اللبناني على مستوى الأمن والإقتصاد وفرص العمل التي تزداد تراجعاً، وهي تسير على خطى الحكومات السابقة في منطق المحاصصة وإعطاء الوكالات الحصرية عن الطوائف للأحزاب المهيمنة، ونحن نرى أن البيان الوزاري لا ينبغي أن يقف عقبة في وجه المضي في استكمال ما بعد تشكيل الحكومة، ويمكن الخروج من الخلاف القائم باعتماد صيغة تعتمد مرجعية الدولة في مواجهة الإحتلال ومكافحة الإرهاب من خلال العمل على بسط سلطتها الوحيدة على كل الأراضي اللبنانية، ومن الطبيعي أن يكون المشتركون في سلطة الدولة من المؤمنين بمرجعيّتها.
صونيا رزق