بالحقيقة ان كل المعطيات السياسية الداخلية والإقليمية والأجواء الملبدة التي تحيط بنا ، توحي بحقيقة ان المستغرب ليس هو عدم توصل اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري الى خاتمة إيجابية ، بل المستغرب هو نفس الولادة المعجزة التي انجبت هذه الحكومة وانا هنا اصر على تعبير " المعجزة " مع وضع خطين تحتها ، فهذا المولود قد جاء من غير امّ ولو بغيّة ، ومن دون اب نفخ فيها من روحه ، فهي اقرب ما تكون الى حكومة الصدفة ،
حيث التقت مخاوف حزب الله من الاقدام على تشكيل حكومة امر واقع يمكن ان تشكّل له هزيمة سياسية كاملة ، مع رغبة جامحة عند تيار المستقبل للعودة الى جنة السلطة بعد ان اخرج منها عنوة ,
فبين مخاوف الأول وسيلان لعاب الثاني وبلحظة إقليمية " ما حدا فاضي فيها لحدا " تم نوع من التزاوج نتج عنه هذا المولود الهجين , وابصرت حكومة سلام النور ،
صحيح ان حزب الله استطاع من خلالها ابعاد كأس سم حكومة الحياد عن فمهه الا ان الثمن كان كبيرا أيضا ، فكأنه استبدل الهيجاء بالنار , ومن هنا كانت ردة فعل جمهور8 اذار المعترض والمصدوم ، مما حدا به لاعادة قراءة مرحلة التشكيل وما نتج عنها وقياسها بميزان من الذهب هذه المرة ، والالتزام بمعاييره الدقيقة جدا والدخول على ضوئها الى المرحلة الثانية بما تشكل من ممر اجباري لاكتمال تشكّل الولادة دستوريا ،
وهذا ما جعل الحزب يظهر وبشكل جلي انه في وارد الاقدام على خطوة الى الوراء عبر تشدده بالتمسك بثلاثيته الذهبية !! ولا يمكن رؤية خطوة التشدد هذه بمنظار مختلف عن كونها خطوة تراجعية خاصة بعد ان كشف وزير الخارجية جبران باسيل عن الاتفاق الضمني المبرم بين الافرقاء المعنيين بالتشكيل والقائل بابعاد كل من بيان بعبدا والثلاثية عن مضامين البيان الوزاري العتيد ، ليطرح هنا السؤال ،
هل ندم حزب الله على إعطاء الفريق الاخر وزارات حساسة لا يضمن تحوّلها الى منصات تستعمل للرماية عليه ؟ ومن هنا نشهد الهجمة الإعلامية ولو بشكل غبر مباشر على وزيري العدل والخارجية ,, ام ان هذا التشدد المستجد والضارب عرض الحائط بما كان اتفق عليه هو لمجرد التعويض المعنوي عن الخسارة التي مني بها اثناء التشكيل ، وبالتالي العمل على إرضاء جمهوره الغير مستعد نفسيا لتقديم تنازل اخر بحجم الغاء كلمة " مقاومة " من بيان وزاري