لقد باتت الساحة الشيعية أمام منعطف أمني وسياسي خطير بعد تسارع الاحداث في المنطقة ولا سيما مع تزايد التهديدات والهجمات الارهابية في اكثر من منطقة في وطننا لبنان , و ربما بات الهدف واضحا " الإنتقام من الشيعة " وأمام هذا الواقع فقد بات رفع الصوت مسؤولية كبيرة تتحملها أولا واخيرا مرجعياتنا الشيعية جميعها دون استثناء .
وعليه توجهنا في موقع لبنان الجديد الى المرجع الشيعي اللبناني سماحة السيد علي الأمين , المرجع الشيعي الجريء أو الاكثر جرأة على تناول المواضيع السياسية التي تعترض الساحة الشيعية على أمتداد لبنان والوطن العربي والاسلامي ,وقد كان الصوت الرافض لخروج الشيعة عن رسالة أئمتهم الداعية إلى الوحدة ورفض الفتنة بجميع أشكالها وأنواعها .
السيد الأمين كان من الأوئل الذين رفضوا الاقتتال الطائفي والمذهبي ومن الأوائل الذين وقفوا وبكل جرأة ضد توريط الشيعة في قضايا خاسرة وهو الذي وقف بكل قوة ضد تورط بعض الشيعة في الأزمة السورية .
أكد سماحته على ضرورة أن يجتمع أهل الاعتدال من مختلف الطوائف والمثقفين ورجال الدين والسياسيين ليكون خطابهم أكثر تأثيرا وفاعلية في الراي العام .
واكد سماحته على أهمية الحوار الاسلامي الاسلامي في هذه المرحلة على مستوى الدول العربية والاسلامية في المنطقة مشير إلى ان هذا الحوار هو الذي يساهم في تخفيف الاحتقان بين دول وشعوب المنطقة .
ما هي برأيكم السبل الآيلة للخروج من نفق الفتنة المذهبية التي يعانيها مجتمعنا الاسلامي اليوم في المنطقة عموما ولبنان خصوصا ؟
نحن نرى أن من السبل التي تخرجنا من هذه الحالة الطائفية التي تهدد الاستقرار والوحدة في لبنان خصوصاً والمنطقة عموماً أن يجتمع أهل الإعتدال من مختلف الطوائف من المثقفين ورجال الدين والسياسيين لإنشاء إطار يجمعهم ليكون خطابهم أكثر تأثيراً وفاعلية في الرأي العام، وتقع المسؤولية الكبرى على ولاة الأمر والحكام في دولنا العربية والإسلامية في تظهير ودعم الاعتدال الديني والعمل على تنظيم السلك الديني وإقامة معاهد مشتركة للعلوم الدينية ،واعتماد الوسائل الإعلامية والقنوات التلفزيونية التي تنشر فكر الوسطية والاعتدال في المجتمع ،وبذلك تنتشر ثقافة الإعتدال التي تضعف حجج التّطرّف وتبطلها
لقد بات الحوار الاسلامي _ الاسلامي أهمية قصوى في هذه المرحلة كيف يمكن تفعيل هذا الحوار في ظل التشنجات القاسية التي تعيشها الساحة الاسلامية اليوم ؟
نحن مع الحوار الإسلامي الإسلامي على مستوى الدول العربية والإسلامية لأنه هو ما يساهم في تخفيف الإحتقانات بين دول وشعوب المنطقة.وأما على المستوى الداخلي في لبنان فنحن مع الحوار الذي يشمل كل المكونات الداخلية، ولا يصح اسبعاد أي فريق تحت أي عنوان من العناوين السياسية أو الدينية ولذلك كنا قد دعونا في السابق فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان أن تكون طاولة الحوار الوطني في لبنان جامعة لكل القوى والآراء من أهل الرأي والفكر والدين والسياسة وأن لا تقتصر على القوى السياسية المهيمنة على طوائفها والرافضة للرأي الآخر فيها.
هل يمكننا ان نعتبر الشيعة مستهدفون في هذه المرحلة ؟ وما هي الأسباب برأيكم ؟
لا نعتبر المسلمين الشيعة مستهدفين كمذهب ولا كطائفة لبنانية لأن الشيعة عاشوا مع غيرهم من الطوائف في لبنان والمنطقة قروناً ولم يكن هناك استهداف من طائفة لأخرى،ولكن الذي برز أخيراً في المنطقة هو وصول بعض القوى الدينية إلى الحكم بعناوين دينية وصفات مذهبية،مما هيّأ لولادة أحزاب دينية وطائفية وانتقالها من موقع الدعوة والإرشاد إلى الدخول في عالم السلطة والصراع عليها بوسائل غير سياسية مما أوجد لهم مشكلة مع شركائهم في الوطن كما حصل في لبنان، وهذا ما جعل العناوين الطائفية محلّاً وموضعاً لتسليط الأضواء والإستغلال لها من الطامعين بزرع الإنقسامات في مجتمعاتنا وأمّتنا طمعاً بإضعافها وتفكيك عرى وحدتها من الداخل. ولا شك بأن من الأسباب التي جعلت من الشيعة اللبنانيين وغيرهم في واجهة الأحداث في لبنان والمنطقة هي السياسة التي اعتمدتها قيادات الأحزاب الشيعية المحلّية في الإرتباط بسياسة النظام الإيراني الإقليمية، وانخراط حزب الله أخيراً في القتال على الأراضي السورية زاد من الإحتقانات المذهبية ومن ارتداداتها على الطائفة الشيعية.
لماذا لم نلحظ أي اهتمام بما يجري من قبل المرجعية الشيعية في العراق وإيران ؟
لا شكّ بأن المرجعية الدينية ارتبطت أخيراً بأوضاع السلطة السياسية والحزبيّة في أماكن تواجدها وتحولت في كثير من الأحيان داعمة لها وداعية إليها وفي نفس الوقت هي لا تشجع على الإعتدال وتخلّت عن دورها الأساسي في التعليم والتوجيه. ولذلك ترى معظم المعاهد والحوزات الدينية المنتشرة في إيران والعراق ولبنان وغيرها من البلدان التي توجد فيها مؤسسات دينية ومراجع دين للطائفة الشيعية أصبحت فاقدة لاستقلالية الرأي بسبب الهيمنة عليها من الأحزاب الدينية المرتبطة بسياسة النظام الإيراني ومؤسساته الدينية الرسمية ، ونحن كنا قد استغربنا عدم اهتمام المرجعية الشيعية في العراق وإيران بما يجري من أحداث في سوريا والمنطقة وقلنا بأن المطلوب من المرجعيات الدينية في العراق أن تخرج عن صمتها وتصدر الفتاوى بتحريم المشاركة في القتال الدائر في سوريا، وهو المطلوب أيضاً من سائر المرجعيات الدينية في مصر والمملكة العربية السعودية وغيرهما من الدول العربية والإسلامية لأن الإعتدال لا يكون بالسكوت عن تصاعد حالات التطرف والإحتقانات المذهبية التي تنذر بوقوع الخطر الكبير والشر المستطير في المنطقة والعالم.
لقد انتشر بشكل لافت مفهوم العمليات الانتحارية لأهداف وغايات معروفة ما مدى مشروعية هذه العمليات من وجهة نظر دينية وأخلاقية ؟
نحن قد عبّرنا عن الرأي الديني في دروسنا الفقهية عن حرمة العمليات الإنتحارية والإرهابية، وهي تعتبر في الشرع من كبائر الإثم والعدوان وهي بالتالي من أسوء الجرائم التي يرتكبها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان، وقلنا إن الأعمال الإنتحارية لا ترتبط بدين أو بطائفة أو منطقة،ونرى أن مثل هذه العمليات لا تصح نسبتها لغير فاعلها بلا نظر إلى لونه ومعتقده وجنسيته، وهي تتولّد عادةً من إرادة سيّء النيّة وفاسد الطويّة التي تزرعها في نفس صاحبها ثقافة الحقد والكراهية العمياء التي تتولّد في أغلب الأحيان من الإنتماء إلى تنظيمات وأحزاب تعمل في سبيل تحقيق طموحاتها السلطوية ومشاريعها السياسية على تعبئة نفوس عناصرها بمشاعر العداوة والبغضاء، وتزيّن لهم سفك الدماء وقتل الأبرياء تحت عناوين الجهاد والنضال.
لماذا لا يصار إلى إطلاق مبادرات سياسية باتجاه حزب الله وغيره من المعنيين بهذا الأمر ومحاولة رفع الصوت لوضع حد لهذه الازمة والحد من تداعياتها ؟
نحن مستعدون للقيام بأية مبادرة باتجاه الحوار مع حزب الله وغيره في أسباب هذه الأزمة لأننا من المقتنعين بأن حزب الله يمكن أن يلعب دوراً إيجابياً ومؤثراً في وضع حد لتصاعد الإحتقانات المذهبية ومخاطرها، والمطلوب من حزب الله أن يستمع للرأي الناقد له لأن صاحب هذا الرأي قد يكون من الذين لا يريدون له التورط والإبتعاد عن دوره البنّاء في قضايا الوحدة الإسلامية والوطنية، وهذا بخلاف الذين يسكتون عن نقده أو الذين يكيلون له المديح ممن يريدون له المزيد من التورط في الصراعات الداخلية والخارجية التي تبعده عنها
برأيكم ما هي حقيقة الصراع الحالي ؟ سياسي أم مذهبي ؟ وما هو الحل برأيكم ؟
لقد ذكرنا مراراً إن السبب الرئيسي في ظهور الطائفية العنيفة في مجتمعاتنا يعود إلى الصراع على السلطة والنفوذ بين الأحزاب الدينية و الجماعات السياسية في الداخل وبين دول اقليمية على مستوى الخارج قد زاد من حدّته غياب العلاقات الطبيعية بين الدول العربية والإسلامية في المنطقة خصوصاً بعد أحداث العراق.وقد يحاول بعضهم إعطاء العناوين الطائفية والمذهبية للصراع ليحصل على الإصطفاف الطائفي وراء مشروعه السياسي وطموحاته لتحقيقه. والمسلمون السنة و الشيعة عاشوا إخوانا في مجتمعاتهم وأوطانهم قروناً عديدة وسيبقون كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وقد كانوا ج يختلفون في قضايا تاريخية ودينية تبعاً لاختلاف الإجتهادات ولم يؤثر ذلك على حياتهم الطبيعية لأنه لم يكن هناك صراع على السلطة و الحكم وكانت تجمعهم القضايا المركزيّة في الدّفاع عن الأمة الإسلامية ودورها الريادي في العالم وقضاياهم الوطنية المشتركة.وقد تحدّثنا في الأجوبة السابقة عن بعض الوجوه المساعدة على إيجاد الحلول.
حاوره : كاظم عكر