لقد كان المسلمون سابقاً يتهمون المستشرقين والمبشرين المسيحيين ووسائل الإعلام الغربية وأجهزة المخابرات بالعمل على تشويه صورة الإسلام والمسلمين وإيجاد حالة من الخوف من الإسلام في العالم (أو ما يسمى فوبيا الإسلام) وذلك بهدف إبعاد الناس عن الإسلام الحقيقي ولمحاصرة وضرب الحركات الإسلامية ومنع وصولها إلى الحكم وللتمهيد لاعتقال الناشطين المسلمين "بتهم الإرهاب والقتل والعنف".
هكذا كانت الصورة قبل الثورات العربية الأخيرة، لكن كيف هي الأوضاع اليوم ولا سيما في ظل ما يجري في سوريا وليبيا ومصر والعراق ولبنان ودول أخرى؟
لقد وصل الإسلاميون إلى الحكم وأعطيت الفرصة لهم ليحكموا أو يقدِّموا ما لديهم من برامج وأفكار.
ونجحت تيار إسلامية أخرى في التحول إلى قوى أساسية في الواقع الشعبي والعسكري والميداني، وسيطرت بعض هذه القوى على مفاصل أساسية في بعض الدول (كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا)، وأنشأت التنظيمات الإسلامية أطراً وكيانات لها لكي تبسط سيطرتها.
ولكن ماذا حصدنا من وراء ذلك؟
ها هي "دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) تعمل لتطبيق ما تسميه "الشريعة الإسلامية" و"الحكم الإسلامي" فتعدم المواطنين وتقتلهم بتهم متعددة بشأن مخالفة الشريعة وتضع المسيحيين بين خيارات محددة، إما الجزية أو الإسلام أو السيف، وترسل السيارات المخففة لمن لا يقف إلى جانبها وحتى لو كان من أتباع مذهبها (كجبهة النصرة والجبهة الإسلامية)، وتقتل المواطنين الأبرياء في العراق.
ويضاف إلى ذلك استهداف المسيحيين بكنائسهم وأديرتهم ورموزهم ومطارنتهم وراهباتهم، وهم ليس لهم علاقة بالصراع القائم مع النظام، ويتم الطلب منهم بالالتزام بالإسلام أو أن يقتلوا.
وفي ليبيا تم ذبح خمس مصريين أقباط بتهمة التبشير (حسبما اشارت وسائل الاعلام)وقد سبق أن ارتكبت المجموعات الإسلامية عشرات الجرائم في ليبيا لأسباب متعددة.
وفي مصر يتم استهداف السياح الكوريين تحت عنوان مواجهة النظام في مصر ولا ندري ما هي مسؤولية هؤلاء السياح عما يجري من صراع.
وفي لبنان يتم استهداف الأبرياء والمدنيين بحجة مواجهة إيران وحزب الله، فيتم قتل الأطفال والنساء الذين لا ذنب لهم بالصراع.
والأخطر من ذلك عدم صدور فتاوى واضحة تحرِّم هذه الأعمال، أما بيانات الإدانة لبعض الجرائم، فهي من ناحية تدين العمليات لكنها من ناحية أخرى تبرر حصولها لأنها حسب زعمهم هي رداً على اشتراك إيران وحزب الله بدعم النظام السوري.
أما استهداف المسيحيين فلا يتم الوقوف بوجهه بشكل صريح وعملي.
كل ما يجري يقدم أبشع صورة للإسلام والمسلمين، هذا وهم لم يحكموا بشكل كامل، فكيف لو سيطروا على الحكم وبدأوا بتنفيذ تطبيق "الشريعة الإسلامية" كما يرونها. فهل هذا هو الإسلام الذي يريدون تطبيقه؟ وهل هذه هي صورة الإسلام التي نريد أن نقدمها للآخرين؟
أين هم الحكماء والعقلاء والعلماء الذين يقفون بوجه هؤلاء علانية {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}، لماذا لا يصدر الموقف الصريح الذي يدين هؤلاء الذين يرتكبون الجرائم باسم الإسلام والمسلمين.
إنها أسئلة وملاحظات على هذا الواقع المؤلم، عسى أن يجد الطريق إلى المعنيين للاهتمام والمتابعة.