تدور داخل الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية الناشطة في اطار «تيار المستقبل» حوارات ونقاشات داخلية وبعضها عبر وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي حول النتائج الايجابية والسلبية لمشاركة «تيار المستقبل» مع حزب الله في حكومة الرئيس تمام سلام.
بعض أوساط التيار تدافع عن هذا القرار لأنه حقق العديد من الأمور الايجابية على صعيد الوزارات والوزراء المشاركين، ولأن حزب الله تراجع عن شرط «الثلث الضامن»، وإن كان الوزير الشيعي الخامس العقيد عبد المطلب حناوي، لا يعتبر تحدياً لحزب الله، كذلك فإن الوزير السني الخامس رشيد درباس (من حصة رئيس الحكومة) ليس بعيداً عن تيار المستقبل، وهذه إشارة ضمنية لاستمرار قاعدة الـ 9+9+6.
لكن مؤيدي مشاركة تيار «المستقبل» في الحكومة يؤكدون أهمية العودة للسلطة لأنها تسهم في التحضير للانتخابات الرئاسية وتحقق العديد من الايجابيات، في حين أن المعارضين للمشاركة (وهم لا يعلنون مواقفهم بشكل واضح بل أحياناً بشكل ضمني) يعتبرون «ان المشاركة أعطت حزب الله نوعاً من التغطية لحربه في سوريا وأدت الى تزعزع العلاقة مع «القوات اللبنانية» وبعض قوى 14 آذار، كذلك فإنها ستضع «تيار المستقبل» ووزراءه أمام تحديات أمنية وسياسية وقضائية في ظل استمرار التفجيرات الانتحارية ومطالبة الحكومة والوزراء باتخاذ إجراءات رادعة لمن يقف وراء التفجيرات».
فما هي الايجابيات والسلبيات التي نتجت من مشاركة «تيار المستقبل» في الحكومة السلامية مع حزب الله؟ وما هي التحديات التي سيواجهها التيار في المرحلة المقبلة؟
الإيجابيات والسلبيات
بداية مع ما هي النتائج الايجابية والانعكاسات السلبية لمشاركة «تيار المستقبل» في الحكومة الحالية مع حزب الله؟
بعض الأوساط القريبة من التيار تعدد الايجابيات الآتية:
1- نجح التيار في اشراك عدد من الشخصيات الأساسية والتي تتصف بالمواقف الواضحة أو ما يسمون «الصقور» (حسب وصف هؤلاء) في الحكومة وتسلموا وزارات أساسية (الداخلية، العدل)، كما ان أصدقاء التيار وحلفاءه حصلوا أيضاً على وزارات أساسية (الاتصالات، الشؤون الاجتماعية)، اضافة إلى وزراء حزب الكتائب والوزارات التي تولوها.
2- ان المشاركة في السلطة في هذه المرحلة توفر للتيار وحلفائه دوراً مهماً في إدارة شؤون البلد والتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، كما انه في حال تأجيل الانتخابات فإن الحكومة الحالية هي التي ستتولى ادارة البلاد بديلاً من الحكومة المستقيلة، وهذا يعني عدم ترك الحكم لقوى 8 آذار فقط.
3- التحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية تتطلب الحضور المباشر في السلطة وهناك ضرورة للعمل لمعالجة هذه التحديات.
4- لن يتراجع التيار عن مواقفه الانتقادية لمشاركة حزب الله في القتال في سوريا وسيظل يعمل لإعادة الحزب الى لبنان، كما سيحرص على عدم تضمين البيان الوزاري فقرة الثلاثية المقاومة إضافة إلى العمل لتطبيق اعلان بعبدا.
لكن المعارضين لهذه الخطوة، سواء من داخل التيار أو من بعض حلفائه (القوات اللبنانية) أو بعض الجهات التي كانت على صلة جيدة بالتيار (بعض التيارات الإسلامية)، لديها ملاحظات سلبية علي المشاركة ومنها:
1- إن المشاركة في حكومة واحدة مع حزب الله قبل انسحاب الحزب من سوريا تعني اعطاء نوع من الغطاء السياسي للمشاركة.
2- تراجع التيار عن بعض مطالبه كتسلم أشرف ريفي لوزارة الداخلية، رغم أنها آلت إلى شخصية قوية من كتلة المستقبل (نهاد المشنوق).
3- لم يعد التيار قادراً على رفع شعارات المقاطعة وعدم الحوار مع حزب الله لأسباب سياسية أو أمنية وفي ظل وجود اتهامات لكوادر أساسية من الحزب بالمشاركة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
4- سيكون التيار شريكاً مباشراً أو غير مباشر لحزب الله في المعركة ضد ما يسميه الحزب (المجموعات التكفيرية) أو(المجموعات الإرهابية).
5- أدت المشاركة الى حصول بعض التباينات داخل قوى 14 آذار، وخصوصاً مع «القوات اللبنانية» وبعض الشخصيات المستقلة، ما سينعكس على الحالة الشعبية.
6- ان تقارب التيار مع التيار العوني قد ينعكس سلباً على شعبية القوات اللبنانية.
التحديات المقبلة
لكن ما هي أبرز التحديات التي سيواجهها «تيار المستقبل» في المرحلة المقبلة بعد المشاركة في الحكومة وفي ظل استمرارالصراع في سوريا وامتداده الى لبنان عبر التفجيرات الأمنية والسيارات المفخخة؟
تعتبر مصادر سياسية مواكبة لأجواء التيار، ان هناك العديد من التحديات التي يواجهها التيار في مرحلة ما بعد المشاركة في حكومة الرئيس تمام سلام مع حزب الله، منها:
1- إعادة التموضع السياسي ووضع خطاب سياسي جديد يتماشى مع هذه المرحلة بما يحافظ على ثوابت المواقف دون ان يؤدي الى زعزعة الحكومة.
2- وضع «قوى 14 آذار» ودراسة كيفية استعادة تماسكها الداخلي وتحديد دورها في المرحلة المقبلة، إن على صعيد الانتخابات الرئاسية أو الانتخابات النيابية.
3- ترتيب الأوضاع التنظيمية والشعبية بعد أن شهدت تراجعاً كبيراً في الأشهر الماضية، في ظل تمدد بعض التيارات الإسلامية على حساب التيار.
4- التحديات الأمنية والقضائية وكيفية المواءمة بين رفض مشاركة حزب الله في الحكومة ومواجهة المجموعات المسلحة التي تنفذ عمليات أمنية ضد المناطق اللبنانية وضد الجيش اللبناني بحجة الرد على مشاركة الحزب في القتال في سوريا.
5- إيجاد التبريرات المقْنِعة للجلوس الى طاولة واحدة مع من يمثلون الجهة التي يتهمها التيار بالوقوف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري وشخصيات أخرى.
6- معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان بسبب الأزمة السورية، وخصوصاً ازدياد أعداد اللاجئين السوريين.
7- كيفية اعادة التماسك للخطاب السياسي ووالإعلامي الذي اتصف بالحدة أحياناً.
هذه بعض التحديات والاشكاليات التي قد يواجهها «تيار المستقبل» في المرحلة المقبلة، ورغم ان القاعدة الشعبية للتيار لا تزال قوية ومنتشرة في معظم المناطق اللبنانية، فإن هذه القاعدة ستطرح العديد من الأسئلة والاشكالات على قيادة التيار ومسؤوليه، والمطلوب وضع رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، وإلا فسيواجه التيار العديد من المشكلات التي قد تنعكس سلباً على دوره السياسي والشعبي.
مجلة الامان-28-2-2014-قاسم قصير