كما كلّ المعارك السورية ضجّةٌ إعلامية تسبقها تواكبها وتزيّل خواتمها بالفتنة...القلمون قبلها القصير واليوم يبرود. فلم تقتصر يبرود على قسم الشارع اللبناني، كالمعتاد، وإشعاله بالمجادلات السياسية والطائفية التي تغزو عالمنا الإفتراضي بشراسة، بل تعدّت فتنتها من خلال كلمات الأناشيد الجيّاشة التي التي طالت العيش المشترك بين اللبنانيين شيعةً وسنّة على وجه الخصوص.
فما بين "احسم نصرك" و"أحفر قبرك" حصل ما هو بغنى عنه المجتمع اللبناني في هذه الأوقات الحرجة.
فهي دقائق قليلة تلك التي مرّت على خبر العثور على مروان دمشقية بعد ظهر الثلاثاء الماضي مقتولاً برصاصة في الرأس، حتى امتلأت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بمعلومات وأخبار ترجّح أنه منشد أغنية "أحفر قبرك في يبرود" تلك الأغنية التي تتوعد النيل من الضاحية الجنوبية والتي أتت رداً على أغنية "إحسم نصرك في يبرود" لمنشدها علي بركات المناصر لحزب الله، والتي تحدثت بعض وسائل الإعلام عن تدخّل السيد حسن نصر الله لوقف انتشار الانشودة بسبب مقطع محدد وهو "حطّمنا جيش اليهود" ومقطع آخر يطال أهالي عرسال والشمال اللبناني، مما دفع بركات لإصدار بيان توضيحي بناءً على طلب قياداتٍ من حزب الله. وهذه هي ليست المرّة الأولى التي يطلّ فيها بركات بكلماتٍ مستفزّة فكان له من قبل أنشودة "بفتخر ب7 أيار". علي بركات الذي لم يتبنَّه حزب الله يوماً مصرّاً على إغداق الأناشيد الطائفية على جمهور الحزب دون تبنّي على حسب ما يدّعي.
وبدورها "الجماعة الإسلامية" نعت دمشقية لافتة إلى أنه كان ينتمي إلى صفوفها ويعمل في المجال الدعوي، نافيةً وجود أي صلة لدمشقية بأغنية "إحفر قبرك في يبرود" لا من حيث الإنشاد ولا الكلمات، بينما وصفه البعض على مواقع التواصل الإجتماعي بـ"قاشوش" لبنان، نسبة إلى أول منشدي المعارضة السورية إبراهيم القاشوش مع وجود تغريدات تؤكد علاقته بالأغنية وتهزأ بمقتله.
هذا ولم تكشف حتى هذه اللحظة هوية قاتل دمشقية إلا أن الشعارات التي أطلقت في جامع الخاشقجي في خلال تشييعه المصحوبة بالرصاص الكثيف تشير إلى أهداف سياسية كامنة وراء مقتله حتى لو لم يكن له أي علاقة بأنشودة "إحفر قبرك في يبرود".
أما على وقع الفتن التي يغرق بها المجتمع اللبناني فلا بدّ من اتخاذ إجراءات قانونية بحق كل الحركات المشبوهة من أناشيد ومنشدين وصفحات تحريضية تسيئ للعيش المشترك وتغذّي الشرخ والانقسام بين اللبنانيين.