"الميدان يتكلم"، هذا هو حال الأزمة السورية بعد فشل جولتي مؤتمر "جنيف – 2". الانظار تتجه الى الحراك الميداني الذي تحكمه راهناً ظاهرة المصالحات في بعض المناطق السورية بين مقاتلي المعارضة والنظام، وتصاعد حدة المعارك بين "داعش" والكتائب الاسلامية، والاهتمام بمعركة يبرود الاستراتيجية وانعكاسها على لبنان. هذا الحراك وعناوين سورية اخرى كانت محور حديثنا مع المعارض السوري وعضو الائتلاف الوطني ميشيل كيلو.
"جثة السياسة الروسية"
نتيجة "فائقة الاهمية" حققها مؤتمر "جنيف – 2"، تختصر وفق كيلو في "اقناع العالم بأن روسيا لديها موقف النظام السوري نفسه بمعارضة الحل السياسي عملانياً مع أنها تؤيده قولاً، وهي بيّنت للعالم أنها جزء من المشكلة وليس الحل".
ويوضح كيلو لـ"النهار" أن "روسيا وقعت على وثيقة "جنيف – 1" وأقرت قرار مجلس الأمن 2118 الذي يؤكد أن البداية يجب أن تكون بتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية، لكنها تبنت بعدها موقف النظام الداعي إلى البدء بوقف اطلاق النار ومكافحة الارهاب". ويعتبر أن "روسيا أنكرت وجوب انتقال سوريا من النظام الحالي إلى النظام الديموقراطي وأصرّت على أن النظام سيستمر خلافاً لكل بنود جنيف".
بعد كل ما جرى من محاولات، "على العالم، إذا كان فعلاً يريد حلاً سياسياً أن يطور وسائل جديدة للضغط، لم تستخدم إلى الآن لأن هذا الحل سيمرّ على جثة السياسة الروسية الحالية وليس بمساعدتها"، متسائلاً: "هل نحن اليوم في صدد البحث عن هذه الوسائل أم لا زلنا ندور في اطار الادوات التي عجزت عن ايجاد أي حل للصراع ووقف قتل السوريين؟".
في شأن المصالحات الداخلية الجارية، يلاحظ كيلو وجود "مغالطات كبيرة، اذ اعتبر البعض أن ما جرى في المعضمية نموذج لمصالحة تمّ فيها وقف إطلاق النار من دون أن يدخلها حتى اليوم أي جندي نظامي، لأن المعارضة ستتصدى له، فما جرى هدنة من أجل مكافحة التجويع، تتم عبر وقف اطلاق النار مقابل وصول المواد الغذائية والأدوية الى السكان". ويلفت إلى أن "النظام لم يقم بما عليه، وفي المقابل المعارضة لا زالت في مكانها ومستعدة للدفاع".
ويؤكد كيلو استمرار المعارك مع "داعش"، لأن المعارضة تعتبرها "فصيل من فصائل المرتزقة التي تقاتل إلى جانب النظام السوري. وكان يجب طرده من المناطق المحاذية للحدود التركية لأن مهمته الاساسية كانت اغلاق الحدود مع تركيا واعادة احتلال المناطق التي حررها الجيش السوري الحر وممارسة سياسات منسقة مع النظام". ويذكّر بأنه "تم اعتقال كثيرين من قبل "داعش" جرى تسليمهم إلى النظام ومنهم الاب باولو، وهناك قيادات تم اغتيالها بيد "داعش" عبر برقيات تم العثور عليها في جرابلس والشدادة بين مخابرات القوى الجوية والنظام، فضلاً عن انضمام ضباط من النظام إلى داعش"، مشدداً على "ضرورة اخراج داعش من سوريا بأي ثمن كان... وسنخرجها من سوريا".
معارك القلمون
أما عن المعارك في القلمون، وارتباط "حزب الله" بمعركة يبرود وحديث غرفه عن حسم مقبل، طمأن كيلو "حزب الله" إلى أنه "سيقاتل شهور طويلة قبل أن يتمكن من فعل أي شيء في القلمون. فحتى اليوم لم يتقدم حزب الله شبراً واحدا على الأرض، وهناك ثلاث جبهات لم يتقدم فيها وهناك خسائر هائلة له، وأول من أمس دمرت له مدفعية ودبابات وراجمات صواريخ". وتوجه كيلو لـ"حزب الله" قائلاً: "لن تحسموا لا في القلمون ولا غيرها".
انتحاريّو لبنان
ويعلّق كيلو على ظاهرة التفجير والانتحاريين في لبنان، مؤكداً أنها "نتيجة مباشرة لدخول حزب الله بصفته الطائفية إلى الصراع في سوريا"، ويوضح: "ندعم بقاء لبنان بعيدا عن النزاع في سوريا ولا يجوز أن تمتد أي يد إليه لا اليوم ولا في المستقبل، وما يحصل هو رد فعل طائفي على فعل طائفي، لا حل عقلاني له إلا بانسحاب حزب الله من سوريا... هذا اذا استطاع أن ينسحب".
ورغم كل ظواهر التطرف والتكفير، لا زال كيلو مطمئناً الى وضع مسيحيين الشرق، ويقول: "لا اخاف عليهم لأنهم جزء تكويني من الشرق وهم من أعطوه جزءاً كبيراً من هويته وهم الذين اعادوا احياء روحه ". ويضيف: " لا خوف على المسيحيين إذا اخذوا المواقف الصحيحة ووقفوا ضد الظلم وتبنوا مطالب الناس العادلة، ويبقى الخطر على المسيحية من حماقات قيادات كنسية".
ويلفت إلى أن "التكفيريين لا يحاربون المسيحيين بقدر ما يحاربون المسلمين، فهم قتلوا آلاف المسلمين وافراداً من المسيحيين، كما أن المجتمع المسلم أول من يقاوم التكفيريين ويقاتلهم والميدان يؤكد ذلك".