يعرف حزب الله جيدا حجم الثقة الكبيرة التي يوليها المناصرون والمؤيدون لوسائل اعلامه ، المباشرة او تلك الوسائل المستترة بواجهات إعلامية مختلفة تابعة له ، كما انه يعرف جيدا ان على جانبي جمهوره هذا المؤيد والملتزم بالخيارات التي تتخذها قيادة الحزب هناك بحر واسع من الأنصار والداعمين له ، والذين استطاع جذبهم اليه واستقطابهم الى احضانه ليس ايمانا منهم بايديولوجيا ولاية الفقيه ، ولم يكن تأييدهم له نتاج دورات تثقيفية لشرح مشروعه السياسي واقتناعهم به ، بل ان لهؤلاء أسباب أخرى مختلفة تماما ، فلعبت هنا رمزية " المقاومة " والعداء لإسرائيل احد اهم عوامل ذلك الانجذاب خاصة اذا ما اقرّينا ان مسيرة الحزب في هذا المضمار كانت مسيرة مشرقة ، فضلا على ذلك يأتي في سلم أسباب الجذب هذا عدة درجات أخرى هبوطا كشخصية الأمين العام ، والمذهبية ، والشعور بالقوة ، وصولا الى الانتفاع والاستفادة من شبكة المصالح الواسعة التي استطاع الحزب نسجها على مدار ثلاثة عقود ،
فلا خوف ولا وجل عند قيادة حزب الله من حدوث أي اهتزاز او تصدع عند الفئة الأولى من الجمهور الأقرب الذي لا يحتاج هذا النوع أصلا الى بذل كبير جهد من اجل إقناعه بالخيارات الكبرى بل اكثر من ذلك تجد هذا الجمهور حاضر للتضحية وغير مستعد لرؤية أي ثغرة ممكنة فيعمل على اجتراح تبريرات لها ما كانت لتخطر على بال القيادة نفسها ، شأنه بذلك شأن الجمهور الملتزم عند كل الأحزاب اللبنانية المؤمنة والواثقة لابعد الحدود بقياداتها
وانما عين الحزب الان تبقى على الصنف الاخر خاصة بعد مرحلة التورط بالحرب السورية ، وبالأخص بعد موجة التفجيرات الإرهابية التي تضرب مناطق نفوذه وما تسببه من اضرار مباشرة او بسبب الإجراءات الأمنية الضرورية المتخذة بهدف الحد من اخطارها وما يلحق بسببها من تبعات سلبية جسيمة على هؤلاء المناصرين بعد ان وصل بهم الامر الى تلمس الخطر بعد وصوله الى لقمة عيشهم مما حدا باصحاب المحلات التجارية الملاصقة لتلفزيون المنار بالاقدام على خطوة اعتراضية عبر تسكير الطريق العام مما قد ينبئ بالحجم الكبير الذي وصلت له الأمور ، فهذا المأزق وان كان غير خاف على قيادة الحزب الا ان هذا المستجد يخبر بان الالاعيب الإعلامية المتبعة من قبل الحزب لم تعد تجدي نفعا مما ينذر ببداية تهافت لتلك الثقة بالوسائل الإعلامية الحزبية ، وصار من السذاجة بمكان ان يعمد هذا الاعلام الى إخفاء اسم المستشارية الثقافية الإيرانية ومحاولات التركيز على دار الايتام الإسلامية وعرض صور الايتام بعد تفجيري بئر حسن ومحاولات الإيحاء وكأن المجرمين القتلة انما يستهدفون بعملهم الاجرامي هؤلاء الايتام وليس المستشارية ، وان هذه المحاولات الرخيصة بقلب الحقائق وتظهير الموضوع وكأن المستشارية الإيرانية انما تضررت بسبب مجاورتها لدار الايتام وليس العكس ! صحيح ان المطلوب هو اظهار الصورة الحقيقية للمشهد البشع عند اولئك المجرمين الذين لا يقيمون وزنا للارواح البريئة ولكن المطلوب أيضا الاعتراف بان الإجراءات الوقائية حول المقرات الحزبية من اجل حمايتها ما عادت تكفي لحماية جيرانها , وان من الخطأ الجسيم ان يكتفي الحزب من اجل حماية جمهوره على الإجراءات الإعلامية فقط مرة عبر الادعاء المستمر ان هذا الاجرام يضرب كل المناطق في لبنان , او الاختباء خلف تحريم النقاش بدوافع المجرمين واهدافهم الحقيقية عبر الاتهام بالتبرير لهم من اجل عدم الالتزام باجراءات لا طاقة للحزب باتخاذها ، وطبعا فلم تعد استحضار ورقة فلسطين والمقاومة كافية للطلب بمزيد من الصبر والتحمل,
فلا شك ان حزب الله امام مأزق حقيقي اذا ما استمرت الأمور على هذا الشكل ولم يقدم على خطوات كبيرة وجريئة بحجم المخاطر التي تهدده لان القادم من الأيام ستخبرنا بان الحزب لن يكون امام مواجهة مع الإرهاب فقط بل سيكون بمواجهة مع هذا الجمهور أيضا.
مواجهة الارهاب ومواجهة الجمهور : عماد قميحة
مواجهة الارهاب ومواجهة الجمهور : عماد...عماد قميحة
NewLebanon
مصدر:
خاص موقع لبنان الجديد
|
عدد القراء:
1904
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
تعليقات الزوار
أستاذ عماد: هل تفجير سيارة انتحاري على حاجز للجيش اللبناني هو في سياق ضرب المقرات التابعة لحزب الله أم ضرب مناطق نفوذه؟ وهل تعتقد ان التفجيرات في الضاحية هي لقتل سكان الضاحية الشيعة أم لضرب مقرات الحزب؟ أم هيي لضغط على الجمهور الذي تحاول انت اثارته ضدد القيادة ليطلب منها الإنسحاب؟ هل الشهيد محمد شطح والشهيد وليد عيدو هما مقرين أمنيين تابعين للحزب أم انهما من قاعدته الشعبية ؟ أليس حرفك لمقاصد القاتل إلى ما تبغيه شراكة كاملة لك في دماء الأبرياء الذين سقطوا؟ سواء كان التفجير لتحطيم زجاج المستشارية أو لإثارة عاصفة قريبة من السفارة الكويتية لنسف مفاعيل زيارة نبيه بري الى الكويت فهناك دماء أياتم قد سقطت مهما كان المقصد القاتل مجرم سفاح لن يرحمك ولن يرحمني ولن يرحم الوطن
الإسم: حسين نور زيعور
23 شباط 2014
إن موقع لبنان الجديد لا يتحمل مسؤولية التعليقات وغير مسؤول عنها.
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro