لم تكن الكلمة المنتظرة على قدر التوقّعات، فمن فلسطين إلى سوريا إلى السعودية والجزائر وتونس والصومال ومصر وأفغانستان...وفي دورة مللٍ وتكرارٍ حول العالم استغرقت ما يقارب الساعة والربع
أخيراً وصل إلى لبنان تحديداً إلى الحكومة، الحكومة التي كانت كفيلة بإنتاج ما يشبه الربيع العربي في جمهور المقاومة.
فكان اللبنانيون وتحديداً جمهور المقاومة في انتظار أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله على أحرّ من الجمر، على أمل أن يُطفئ جمراتٍ أوقدتها حقائب التشكيلة الحكومية الجديدة. إلّا أن السيد نصر الله لم يحترم توقّعات جمهوره الذي افتداه بدمائه واقتصاده وعقله على مدى السنوات الماضية. ولم يقدم ما يبرّر تنازلات المقاومة في الحكومة الجديدة بل اعتمد كعاداته على محاكاة عواطف شعبه المخدّر وأعطاه إبرةً جديدة من مورفين الشعارات الرنّانة ومثاليات المعارك بين قوى الخير والشرّ، والتي كانت كفيلة بإشعال نار الحماسة في نفوسهم من جديد وإشغال عقولهم وتحويلها من معارضٍ للحكومة إلى مقدّسٍ لها. ما حوّل الحكومة إلى نصرٍ إلهي جديد. فقد حاول السيد أن يعمّق في نفوس جمهوره الرعب من شبح الإرهاب علّه ينسى عتبه في موضوع الحكومة.
فبعد غيابٍ طويل أقلق جمهور المقاومة وفي أوّل موقف من الحكومة الجديدة أكّد نصر الله بأن حزب الله ذاهب إليها بروح إيجابية، وذلك لأنّه يريد الشراكة ولملمة البلد وتدوير الزوايا والتلاقي لمواجهة الإرهاب التكفيري والتصدي للفتن وأن من أولويات هذه الحكومة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده.
ودعا نصرالله في خطاب ألقاه مساء أمس بمناسبة ذكرى القادة الشهداء إلى التعاون لتحقيق الاستحقاق الرئاسي لأن انتخاب رئيس جمهورية جديد سيفتح الباب أمامنا لتشكيل حكومة جديدة بعيداً عن الضغط.
وركز نصر الله على خطر الإرهاب التكفيري الذي يهدد المنطقة بأكملها على مدى كلمته كلّها مؤكّداً أنّه يضحي ببعض شعبه لينقذ كل شعبه. فكم من الأبرياء سيدفع أرواحه ثمناً بالعملة الإيرانية بعد، وهل ستصل تضحية السيّد إلى أن يضحي بكل شعبه لإنقاذ نظام الإجرام الأسدي؟؟؟
وأوّد أن أعلّق أخيراً وليس آخراً على كلمة نصر الله "ضحيّنا وقدمنا التنازلات في الحكومة لإجل إنقاذ لبنان من الفراغ والمشاكل..!!" أعتقد بأن السؤال هنا يقرّح حنجرة الكثيرين ويقول: كيف لمن يضحّي بمستقبل طائفته بأكملها، ويضحّي بأمن وأمان لبنان ويجرّه إلى نارٍ كفيلة بإحرقه أن يتكلم عن التضحيّة.؟؟؟