حاول روسيا وفقاً لتصوراتها في محاولة منها لحل الازمة السورية التي لا تخفيها ابدا في منع اي تغيير يؤدي الى رحيل الرئيس السوري بشار الاسد ،فهي تصر على انجاح مؤتمر جنيف-2 ،وإعطاء فرص للنظام من اجل الحسم العسكري .روسيا التي تحاول توسيع مشاركة الدول غير المعنية بالمشكلة السورية من اجل فرض تقليل فرص دعم المعارضة، هي مصرة على مشاركة ايران في هذا اللقاء وبخاصة بعد توقيع الاتفاق الاخير معها . موسكو منذ اندلاع الثورة السورية لم تعترف بها، بل وتصفها بأنها ارهابية ومتطرفة و تهدد النظام العلماني الذي يمثله بشار الاسد الحليف الرسمي للروس ، الذي لم تبخل عليه ابدا بالدعم السياسي والعسكري والتكنولوجي واللوجستي ،بل ذهبت بعيداً من خلال عدم القبول بأي تغير قد يفرض من الخارج وإقامة نظام سني متطرف، كما عبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف ،وبالتالي كانت تطرح نفسها كحامية للأقليات وتحديدا المسيحية .روسيا التي تحاول ايجاد معارضة تنقض نظام بشار الاسد وتحاوره وتعترف بشرعيته، تحاول ايجاد معارضات ضعيفة وبعيدة عن التمثيل الشعبي ، كما تحاول ان تفرض اشخاص لا يمثلون قدرات فعلية في الشارع المحتج كما حال قدري جميل ومناف طلاس ورفعت الاسد وآخرين، .فالروس الذين يبتعدون عن محاورة المعارضة الحقيقية التي تمثل الشارع خوفا من الاعتراف بهذه المعارضة الحقيقية،فلم يجتمعوا معها طوال 33 شهراً سوى مرة واحدة بعد ان اسمعهم مخيائيل بغدانوف بانه لا يوجد امام النظام سوى حلاً واحداً كما كان الحال مع مسالة الشيشان في مدينة غروزني الشيشانية، وبالتالي انهم اي الروس، كانوا يحاولون الذهاب الى جنيف بشروطهم التي لا تتضمن ابعاد الاسد او اي تغيير في الاجهزة الامنية او العسكرية او البنك المركزي ،بالرغم من مشاركتهم في مؤتمر جنيف- 1 الذي لم ينفذوا اي بند من بنوده حتى الانسانية منها: "كوقف القصف وإنشاء ممرات امنة للمدنيين والمساعدة في ايصال مساعدات انسانية" . فمن هنا كانت مكالمة بوتين مع الاسد والتي تكللت بوفد رسمي سوري الى موسكو مؤلف من بثينة شعبان وفيصل المقداد بتاريخ 25 نوفمبر \ تشرين الثاني 2013 ،روسيا كانت تهدف الى حشر المعارضة بلقاء بينها وبين النظام التي حاولت روسيا ترتيبه سرا للتفرد بالملف السوري لكن المعارضة تفهمت سريعا القطبة الخفية للدعوة والتعبير عنها بعدما جهوزيتها . فالروس يصرون بقوة على جنيف- 2 والاستفراد بالملف السوري من خلال تفويض اميركي كامل، وبخاصة بعد الاشارة التي وجهها السفير الاميركي ريتشارد فورد قي 24 تشرين الثاني 2013 في اسطنبول بدعوته الصريحة للمعارضة السورية اذهبوا الى جنيف ولا يوجد شيء عندنا لتقديمه . الولايات المتحدة تريد الاستمرار في "العملية" السياسية بعدما ألغت تماماً الخيار العسكري من خلال صفقة الكيماوي مع النظام والصفقة الحالية مع ايران ، لذلك تمارس كل الضغطات الدولية على المعارضة للذهاب الى جنيف في محاولة من الجميع لاستسلام المعارضة ورفع رايتها البيضاء ،لان روسيا تريد باي شكل من الاشكال إلغاء شرعية المعارضة عبر تحميلها مسؤولية إفشال جنيف – 2 ،بعدما كانت استرجعت للنظام في دمشق شرعيته عبر الاتفاق معه على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية. . فالمعارضة السورية لا يوجد لها قائد لكي يتم تصفيته او تجمع حزبي يتم القضاء عليه .
وحسب تصريحات مخيائيل بغدانوف في موسكو بتاريخ 29 نوفمبر \تشرين الثاني بان وفد المعارضة السورية للائتلاف السوري سوف يلبي دعوة روسيا، وبحسب اقوال بغدانوف بان 20 كانون الأول\ديسمبر سيكون عقد لقاء اخير على صعيد التحضير لـ"جنيف –2 وبالتالي المعارضة السورية مرحب بها في اي وقت .ومن المقرر حتى اليوم أن يعقد المؤتمر يوم الثاني والعشرين من شهر يناير\كانون الثاني المقبل.
وفي المقابل أكدت دمشق مشاركتها في المؤتمر بوفد رسمي يترأسه وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وأيضا أعلن الائتلاف عن استعداده للمشاركة في المؤتمر الدولي حول سوريا، وقد شدد احمد الجربا رئيس الائتلاف المشاركة في المؤتمر من خلال تصريح بتاريخ 29 نوفمبر \تشرين الثاني 2013 وقال الجربا:" إن المعارضة ترى مؤتمر جنيف خطوة باتجاه انتقال القيادة و"تحول ديمقراطي حقيقي في سوريا ". ولكن لا تزال تحاول المعارضة التمسك بشروطها قبل الذهاب الى جنيف 2 كما اعلن خالد الناصر ممثل الائتلاف قي السعودية 29 نوفمبر "بأننا ذاهبون اذا قبلت شروطنا" .
ولكن يبقى المهم في رد الفعل الخليجي هو إرسال رسالة الحضور والمشاركة لتحل مكان رسالة الامتناع والتغيب التي سبقتها، وهذا بالغ الأهمية. فهناك ليس فقط نقلة نوعية في العلاقة الأميركية – الإيرانية، إنما هناك تقارب اليوم بين إيران وتركيا في ظل محاولة لتغير الخريطة العسكرية على مختلف الجبهات وانتصارات سريعة على الجبهات.
تبقى الارض والتطورات الميدانية وقبول الاطراف هي الكفيلة بإنجاح او افشال المؤتمر الذي يقد يخرج الملف السوري من جحيم الموت اليومي،فنجاح المؤتمر هو نجاح للقدرات الروسية العائدة الى الساحة الدولية كلاعب دولي.
د.خالد ممدوح العزي
كاتب صحافي وباحث مختص في شؤون روسيا ودول الكومنولث