تعدّدت الأسباب والموت واحد..حصارٌ وجوعُ وقصفٌ وخوف..صمتٌ وتخاذل ومبادرات وهمية..ولسان حالهم: "لنا الله".
استيقظي يا أمةً ضحكت من جهلها الأمم، استيقظي يا أمةً مات من خذلانها طفلٌ ومسنّ...مات جوعاً وذلّاً وقهراً. وما يزيد الألم آلام ويذرّ الرماد في العيون والملح في الجروح، أنّه طفلٌ هرب من عدوٍّ ليلقى أعداء، وأنه مسنٌّ كانت آخر طيات وجهه تحكي لنا عن ظلم ذوي القربى الأشدّ مضاضةً...وما عاد التقديم والتأخير بين راء العربية وباء العبرية "مهمّ" بعد أن أصبح المعنى واحد والمصير موّحد.
فتحولت ممانعة الأنظمة العربية من اسرائيل إلى ضحاياها، وتحوّل مخيم اليرموك في جنوب العاصمة السورية دمشق من مخيّمٍ أوى أليه الشعب الفلسطيني يوماً ظناً بأنه سيكون ملاذاً آمناً لهم من اعتداءات العدوّ الإسرائيلي، إلى مقبرة جوعٍ ومحرقة رماد.
فأعلنت تنسيقية مخيم اليرموك يوم أمس عن سقوط ثلاثة شهداء جدد السبت في المخيم بسبب الجوع، ما يرفع عدد الشهداء الى 44 شهيداً. وكان "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أفاد يوم الجمعة بأن 41 شخصاً قضوا في المخيم المحاصر جراء نقص الغذاء والدواء. وهم: المسن أكرم سليمان العلال، السيدة سعدة قيس رجا، والشابة أمل حسين سيخو.
هذا وألهبت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بسوريا الأوضاع في الأراضي الفلسطينية حيث أغلق العشرات من الناشطين الفلسطينيين أمس الأحد مقر منظمة التحرير الفلسطينية برام الله تنديداً بما وصفوه تقصيراً وتقاعساً من المنظمة في التدخل لفك الحصار المفروض على مخيم اليرموك وتقديم المواد الغذائية للاجئين الفلسطينيين المحاصرين في المخيم منذ 182 يوماً.
وأطلقت مجموعة من الأطفال في نابلس، حملة لجمع التبرعات لأطفال اليرموك تحت عنوان "صرخة اليرموك". فجمع 14 طفلاً في نابلس مدخراتهم وقدموها في صندوق خاص بمقر المحافظة، إيذاناً ببدء الحملة.
وقد ناشدت دائرة العلاقات العربية في منظمة التحرير الفلسطينية، كافة الأحزاب والاتحادات الشعبية العربية، بذل كل الجهود الممكنة من أجل العمل سريعاً على فك الحصار عن مخيم اليرموك. وأكدت الدائرة في بيان صحافي صدر عنها، على ضرورة إبقاء المخيم محايداً عما يجري من صراع داخل سوريا.
وأشار الأمين العام لجبهة التحرير إلى أن منظمة التحرير تسعى الى تطبيق المبادرة التي أقرتها مسبقاً واستندت الى خروج المسلحين من المخيم وعودة اللاجئين إليه وحل مشكلات اللاجئين حتى توافر حل سياسي على قاعدة ما تبنته جميع الفصائل، مشيراً إلى أن الأولوية حالياً هي العمل على فتح ممر آمن لإدخال المساعدات إلى اللاجئين المحاصرين في اليرموك.
فإلى متى ستبقى فلسطين جرحنا النازف..؟؟ وإلى متى ستبقى العروبة خنجراً مملّحاً بخاصرتها الشريفة..؟؟ ربّما إلى مالا نهاية...فلنصلّي لمــلائكة الـــسماء التي جهّزت موائد الــــرحمن لأطفالٍ استُشهدوا جوعاً، ولنلبس السواد على ما تبقى من إنسانيتنا التي ماتت قهراً على أطراف مخيّم اليرموك...!!