عشية جلسة مجلس الوزراء غداً، أعطى الرئيس تمام سلام جرعة أمل للبنانيين بأن «حكومة المصلحة الوطنية» التي يقف على رأسها ماضية في تحمل مسؤولياتها، بتعاون مكوناتها النيابية والسياسية، ريثما يتمكن الأفرقاء من الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ورسم الرئيس سلام في مقابلة مطولة مع تلفزيون «الجديد» خريطة طريق لمعالجة قضية العسكريين المخطوفين، عنوانها الحل المتكامل، تبدأ بالتزام الخاطفين بعدم القتل، وأن تكون المفاوضات بالجملة وليس بالمفرق، ولا مشكلة لدينا بالمقايضة، لكنه شدّد على انه لا يمكن التقدم في هذا الملف الا بالتكتم، مؤكداً أن الوزير وائل أبو فاعور لم يطلعه على تكليف نائب رئيس بلدية عرسال احمد فليطي التواصل مع الخاطفين في جرود عرسال، معتبراً ذلك من مسؤوليته، لافتاً إلى أن وجع الاهالي تحول إلى سلاح في يد الخاطفين ضد الوطن، داعياً جميع الذين يتعاطون بهذا الملف الى الابتعاد عن الاثارة والتنافس والتسييس، لافتاً إلى انه لا يملك معجزات ولا عصا سحرية، محذراً من الاستمرار في ما وصفه «الفولكلور» في هذا الموضوع مثل الاستعراضات والمبالغات والمبارزات التي بالتأكيد تضر في هذا الملف أكثر مما تنفع.
وأكّد سلام أن الوزراء مستمرون في عملهم بروح التعاون، ولكن لا يمكننا القول أن الحكومة تؤدي واجبها بشكل ممتاز، مشيراً إلى ان التحديات قائمة، وأن التحدي الأبرز هو انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه لاحظ أن التنافس بين القيادات المسيحية على الرئاسة يوصل البلد إلى مكان غير مريح.
وتأتي مواقف الرئيس سلام فيما تُشير المعطيات إلى تقدّم منطق الحوار والانفراج على منطق إدارة الظهر والتأزيم، سواء في ما خص الحوار الموضوع على النار بين «المستقبل» و«حزب الله»، أو من خلال التهدئة على جبهة العسكريين المخطوفين، ونجاح المفاوض اللبناني السياسي والأمني في فتح القنوات على التواصل مع الخاطفين الذين يصفهم مصدر حكومي «بقليلي الجدية وكثيري القتل والذبح والتهديد والوعيد».
والأبرز على هذا الصعيد، إعلان نائب رئيس بلدية عرسال أحمد حسن فليطي أن تنظيم «الدولة الاسلامية» داعش وافق على أن يكون وسيطاً في القضية، بعد أن نقل للجماعة أن وزير الصحة وائل أبو فاعور طلب إليه التحرّك على هذا الصعيد، في حين كان الشيخ وسام المصري يكشف أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم طلب اليه ان يتحرك على خط الجهات الخاطفة، وهو ينسق معه في ما خص اتصالاته وتحركاته.
وفي موازاة هذه الانتظارات والتحركات تقدمت قضية تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة المناسبة ولا سيما الطائرات منها، إذ كشف الرئيس سلام انه سيُصار في الرياض خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة التوقيع على بروتوكول تسليح الجيش بين المملكة العربية السعودية ووزارة الدفاع الفرنسية، في إطار هبة الثلاثة مليارات دولار، حيث أن عملية التسليم ستستمر على مدى 45 شهراً، وأن الجانب الفرنسي اقتنع بوجهة نظر الجانب اللبناني من ضرورة تزويده بالأسلحة الهجومية كالطائرات نظراً للحاجة الاستثنائية في منع التنظيمات المتطرفة من اجتياح لبنان، واجتياز نقاط الحدود في عرسال وغيرها، لأنه في مثل هذه الحالة، ستعرض لبنان جدياً للخطر، وتفرض تطرفها في كل مكان.
وتساءل الرئيس سلام في تصريح لمجلة «لوجورنال دي ديمانش» أن غارات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على مواقع «داعش» و«النصرة» رمزية وغير كافية، مؤكداً «للتغلب عليها يجب التواجد على الأرض.. لكن في هذه المرحلة من يريد ان يذهب إلى هناك؟»، واصفاً الوضع «بالهش»، ومتخوفاً من ثورة ما لم يتم إطعام اللاجئين السوريين وتوفير المساعدات الغذائية لهم».
مجلس الوزراء
في ظل هذه المستجدات، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأخيرة على الأرجح في هذا العام، غداً الثلاثاء، للبت في عدد من المواضيع بعضها مرجأ من جلسات سابقة، والآخر ملح، بعد أن أمضى اللبنانيون يوم حداد، أمس الأحد، على ضحايا الطائرة الجزائرية الذين اعيدت جثامينهم الـ19 إلى بيروت، وجرى لهم في المطار استقبال رسمي وشعبي، في ما يشبه المأتم الوطني، تقدمه ممثل الرئيس سلام الوزير محمّد المشنوق، والوزيران جبران باسيل الذي رافق الجثامين وغازي زعيتر، والنائب علي بزي ممثلاً الرئيس نبيه بري والنائبان محمد رعد وعلي عمار ممثلين «حزب الله».
(راجع ص4)
واستبق الرئيس سلام الجلسة بدعوة الوزراء للتعاون لإنجاز بعض الملفات التي كانت مدار تجاذب مثل ملف النفايات الصلبة، بعدما استقر الرأي على استبعاد بند الترخيص للكليات الجديدة، وهو ما يطلبه وزير التربية الياس بو صعب، إذ أكدت مصادر المعلومات أن وزراء الكتلة الوسطية الذين سماهم في الحكومة الرئيس ميشال سليمان ووزراء حزب الكتائب الثلاثة، بالإضافة إلى وزراء حركة «امل» و«التقدمي الاشتراكي»  لا يبدون حماسة للترخيص الذي لا يستند إلى دراسة جدوى تتناسب مع حاجات لبنان إلى كليات جديدة كالصيدلة وغيرها، خلافاً لوجهة نظر الوزير بو صعب الذي يتمسك بهذا البند من زاوية أن لا احد يعارض الترخيص لكليات او جامعات جديدة في العالم!
واعرب مصدر وزاري عن تخوفه من مشاغبات على ملف النفايات الصلبة، على خلفية التعامل بالمثل، وتحميل الحكومة مجتمعة مسؤولية الفشل في إقرار هذا الملف وتعريض البلاد إلى أزمة نفايات جديدة.
وفي هذا السياق، أشار وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى انه ما لم يقدم من خلال الجلسة اليوم خطة جدية ودفتر شروط جدي وقراءة منطقية بشأن مطمر الناعمة، فانه من الصعوبة بمكان إقناع نواب الحزب التقدمي الاشتراكي وأهالي الناعمة بتبديل رأيهم والسير بتمديد مؤقت لعمل المطمر وتأجيل اقفاله.
واعرب الوزير دو فريج لـ «اللواء» عن اعتقاده بأن من عارض من الوزراء بعض الأفكار حول ملف النفايات وتحديداً عمل «سوكلين»، وطالب بدرس أكثر يعمد بذلك إلى تعزيز موقف المشغل الحالي، متحدثاً عن تسييس أصاب هذا الملف وأدى إلى تأجيل البت به، مشدداً على ضرورة الانتهاء منه.
حوار المستقبل - حزب الله
وعلى صعيد آخر، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب محمّد الحجار لـ «اللواء» ان الحوار المرتقب بين تيّار المستقبل و«حزب الله» سيعقد قبل نهاية العام الحالي، نافياً علمه بالموعد الدقيق لحصوله، وما إذا كان سيتم في 29 من الشهر الحالي أم قبله.
وقال أن تيّار «المستقبل» ذاهب إلى الحوار بهدف إنجاحه، لأن الوضع في البلد دقيق، ولا يجوز الاستمرار على هذا النحو، سواء على صعيد الاحتقان الداخلي أو على صعيد تعطيل الانتخابات الرئاسية.
وأوضح أن النقاط الرئيسية المطروحة للبحث من خلال الحوار أضحت معروفة وتتمحور حول السبيل لكيفية حماية البلد في ظل ما يجري في المنطقة وحماية الدولة في ظل غياب رئيس للجمهورية.
وكشف مصدر نيابي مستقبلي لـ «اللواء» أن موعد الحوار لم يتحدد بعد بشكل نهائي، لكنه بين العيدين، مثلما توقع الرئيس برّي، مشيراً إلى أن الجلسة الأولى التمهيدية ستعقد في عين التينة برئاسة الرئيس برّي باعتباره راعي الحوار، اما باقي الجلسات فالأرجح ان تعقد في مجلس النواب.
وأوضح ان الجلسة التمهيدية ستضم من «المستقبل» مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري يعاونه الوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، على أن يتابع نادر الحريري والجسر باقي الجلسات، فيما تضم عن «حزب الله» كلاً من المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين الخليل والوزير محمد فنيش والنائب حسن فضل الله.
لكن المصدر ألمح إلى إمكانية أن تكون أسماء المشاركين في الحوار متحركة وفق الملفات التي ستبحث.
لاريجاني
وعلى صعيد الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي على خط بيروت، يصل من دمشق اليوم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، في إطار زيارة الدول التي تدخل في عداد النفوذ الإيراني، حيث سيقابل على الأقل الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام وشخصيات سياسية وقيادات حزبية لبنانية وفلسطينية.
وعشية وصوله إلى بيروت، كشف وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان في حديث مع قناة «العالم» أن الحكومة اللبنانية رفضت استلام مساعدات بلاده العسكرية للجيش اللبناني على شكل هبة من إيران، مشيراً إلى ان لبنان امتنع عن قبول المساعدات العسكرية بعد أن تعرض إلى ضغوط أميركية.
وذكرت معلومات، أن لاريجاني سينقل إلى القيادات التي سيلتقيها تطمينات معاكسة للتطمينات التي نقلها المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف، بأن التسوية السياسية الجاري بحثها بخصوص الأزمة في سوريا ستتم في ظل الرئيس بشار الاسد، خلافاً لمعلومات أخرى ذكرت أن التسوية ستتم من دونه.
وكان من المقرّر أن يصل لاريجاني إلى بيروت مساء لكن تغييراً طرأ على موعد الوصول أدى إلى تعديل في برنامج لقاءاته التي كانت مقررة صباح اليوم، والتي تشمل لقاء مع الفصائل الفلسطينية، ثم إلقاء محاضرة في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، فزيارتين لكل من الرئيسين سلام وبري، على ان يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام الزيارة.
الفليطي: الوسيط الجديد
إلى ذلك، روى نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي لـ «اللواء» تفاصيل تكليفه بأن يكون وسيطاً في قضية العسكريين المخطوفين، موضحاً ان الوزير ابو فاعور اتصل به طالباً منه الذهاب إلى الخاطفين للتواصل معهم، وقال: «انا اساساً ليس لي علاقة بالخاطفين ولست حزبياً وعندما انتقلت إلى الجرد والتقيت بجماعة «الدولة الاسلامية» داعش، وأبلغتهم ان الوزير ابو فاعور يريد التواصل معكم من خلالي، وأنا من عرسال، أبدوا تجاوباً، وقالوا انهم يريدون ان يتواصلوا أيضاً، ولكن لا كلام حتى الآن بالمطالب، مع اني لمست ان الجماعة يريدون مفاوضاً من عرسال.
ونفى الفليطي أن تكون لديه مبادرة، مشيراً إلى أن زيارة الجرد كانت للتعرّف، وأنا قبلت تكليف الوزير أبو فاعور لأنه عضو في خلية الأزمة، وهو مكلف من النائب وليد جنبلاط، وأنا اعلم انه حتى في قضية مياومي الكهرباء حلت اساساً عندما تدخل جنبلاط وابو فاعور.
واضاف: ليس لدي مشكلة مع أحد، وزنا تحرّكت بناء لهذا التكليف، لأنني اعتقد بأنني لو نجحت ستكون مهمتي خدمة لبلدي، وإخواننا المخطوفين، كما انني ادرك مدى أهمية أن انجح في هذه المهمة خدمة للبلد، وأدرك انعكاسها الايجابي على عرسال ومنطقة الهرمل، فنحن اساساً متضامنون مع الجنود المخطوفين، واعتقد أن الوزير أبو فاعور يقوم باتصالات مع بقية أعضاء خلية الأزمة.
وأوضح أن التواصل لغاية الآن تمّ مع «داعش» ولم التق «النصرة» بعد، مؤكداً أن مهمته إنسانية بحتة، وأن الدافع الإنساني والوطني هو الذي دفعني لقبول تكليف أبو فاعور.